"وأكمل الناس عبودية: المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر. فلا تحجبه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر، كمن يحجبه التعبد باسمه"القدير"عن التعبد باسمه"الحليم الرحيم"، أو يحجبه عبودية اسمه"المعطي"عن عبودية اسمه"المانع"، أو عبودية اسمه"الرحيم، والعفوّ، والغفور"عن اسمه"المنتقم"، أو التعبد بأسماء"التودد، والبر، واللطف، والإحسان"عن أسماء"العدل، والجبروت، والعظمة، والكبرياء"ونحو ذلك."
وهذه طريقة الْكُمَّل من السائرين إلى الله. وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن. قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} والدعاء بها يتناول دعاء المسألة، ودعاء الثناء، ودعاء التعبد. وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته، ويثنوا عليه بها، ويأخذوا بحظهم من عبوديتها.
وهو سبحانه يحب موجب أسمائه وصفاته.
فهو"عليم"يحب كل عليم،"جَوَادٌ"يُحب كل جواد،"وتر"يحب الوتر،"جميل"يحب الجمال،"عفو"يحب العفو وأهله،"حَيِ"يحب الحياء وأهله،"بَرٌّ"يحب الأبرار،"شكور"يحب الشاكرين،"صبور"يحب الصابرين،"حليم"يحب أهل الحلم" (1) 1)."
وفي هذا الفصل نحاول قدر المستطاع - وبجهد المقل - أن نقف مع أسماء الله الحسنى التي ورد ذكرها في الكتاب والسنة الصحيحة؛ وذلك من الجوانب التالية:
1 -ذكر الدليل على كل اسم من الأسماء الحسنى.
2 -شرح معنى الاسم ومتعلقاته حسب ما تدركه عقول البشر.
3 -ذكر آثار وموجبات كل اسم وما يقتضيه من العبوديات لله - عز وجل -.
4 -ذكر اقتران بعض الأسماء ببعضها في بعض الآيات، ومحاولة التعرف على بعض دلالاته.
(1) مدارج السالكين 1/ 420.