ومنها: أن يعرف بِرَّه سبحانه في سَتره عليه حال ارتكاب المعصية، مع كمال رؤيته له، ولو شاء لفضحه بين خلقه فحذروه، وهذا من كمال بره. ومن أسمائه (البَرُّ) وهذا البِرُّ من سيده كان به مع كمال غناه عنه، وكمال فقر العبد إليه، فيشتغل بمطالعة هذه المنة، ومشاهدة هذا البر والإحسان والكرم؛ فيذهل عن ذكر الخطيئة؛ فيبقى مع الله سبحانه. وذلك أنفع له من الاشتغال بجنايته. وشهود ذل معصيته. فإن الاشتغال بالله والغفلة عما سواه: هو المطلب الأعلى والمقصد الأسنى.
ولا يوجب هذا نسيان الخطيئة مطلقًا، بل في هذه الحال. فإذا فقدها فليرجع إلى مطالعة الخطيئة، وذكر الجناية. ولكل وقت ومقام عبودية تليق به" (1) ."
ثالثًا: الله تبارك وتعالى بارٌّ بأوليائه، صادقٌ فيما وعدهم به من الأجر والثواب: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: 44] .
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) } [الزمر: 74] .
من آثار الإيمان باسمه سبحانه (البر) :
أولاً: محبته سبحانه المحبة الحقيقية التي تقتضي عبادته وحده لا شريك له تقتضي شكره سبحانه وحمده على بره ورحمته ولطفه وكرمه حيث خلقنا وأمدنا بنعمه التي لا تعد ولا تحصى. وخص أولياءه بأعظم بره ورحمته ألا وهي هدايته لهم وتوفيقهم وتثبيتهم وإثابتهم على ذلك برضوانه وجنته.
ثانيًا: الله - جل شأنه- بَرٌّ يُحبُّ البِرَّ ويأمر به، ويحب من يتخلَّقُ به من عباده الأبرار.
(1) مدارج السالكين 1/ 206.