فهرس الكتاب
الصفحة 439 من 683

وقال في اللسان:"الرأفة: الرحمة، وقيل: أشد الرحمة" (1) .

وقال الزَّجَّاج:"يقال: إنَّ الرأفةَ والرحمة واحدٌ، وقد فرَّقوا بينهما أيضًا، وذلك أن الرأفةَ هي المنزلةُ الثانية، يقال: فلانٌ رحيم، فإذا اشتدَّت رحمته، فهو رَؤُوفٌ" (2) .

المعنى في حق الله تعالى:

قال ابن جرير - رحمه الله تعالى - عند قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ:} "إن الله: بجميع عباده ذو رأفة، والرأفة أعلى معاني الرحمة، وهي عامة لجميع الخلق في الدنيا ولبعضهم في الآخرة" (3) .

وقال الخطابي:" (الرؤوف) هو الرحيم العاطف برأفته على عباده، وقال بعضهم: الرأفة أبلغ الرحمة وأرقها، ويقال: إن الرأفة أخص والرحمة أعم، وقد تكون الرحمة في الكراهة للمصلحة، ولا تكاد الرأفة تكون في الكراهة فهذا موضع الفرق بينهما" (4) .

ويؤكد هذا الفرق القرطبي بقوله:"إن الرأفة نعمة ملذة من جميع الوجوه، والرحمة قد تكون مؤلمة في الحال ويكون عقباها لذة، ولذا قال سبحانه: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2] ، ولم يقل: رحمة، فإن ضرب العصاة على عصيانهم رحمة لهم لا رأفة؛ فإن صفة الرأفة إذا انسدلت على مخلوق لم يلحقه مكروه."

فلذلك تقول لمن أصابه بلاءٌ في الدنيا، وفي ضمنه خير في الأخرى: إن الله قد رَحِمه بهذا البلاء، وتقول لمن أصابه عافية في الدنيا، في ضمنها خير في الأخرى واتصلت له العافية أولاً وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا: إنَّ الله قد رأف به" (1) ."

(1) اللسان 3/ 1535.

(2) تفسير الأسماء ص 62، وانظر اشتقاق الأسماء للزجاجي ص 86.

(3) تفسير الطبري 2/ 12.

(4) شأن الدعاء ص 91.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام