فهرس الكتاب
الصفحة 397 من 683

وقال سبحانه عنهم يوم أحد: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) } [آل عمران: 72] .

قال ابن عباس رضي الله عنهما: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قالها إبراهيم- عليه السلام- حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (1) .

سادسًا: ليس في إطلاق هذا الاسم على الله تعالى نقص كما يتوهمه بعض الناس، فإن الله سبحانه هو (الوكيل) على الحقيقة وهي مجاز في حق غيره؛ لأنه سبحانه منه الإيجاد والإمداد والإعداد ومن المستحيل أن ينوب عن الله سبحانه في ذلك أحد غيره، فمن عرف الله - عز وجل - حق معرفته بأسمائه وصفاته لم يتوكل إلا عليه، ولم يفوض أمره وجميع شؤونه إلا إليه.

قال الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122) } [آل عمران: 133] .

الفرق بين وكالة الخالق ووكالة المخلوق:

وما سبق يقودنا إلى معرفة الفرق بين وكالة الخالق سبحانه ووكالة المخلوق وقد سبق أن الخلق قد يشتركون في بعض دلالات الأسماء الحسنى كالسمع والبصر، والحياة والقدرة وغيرها من الصفات ومنها صفة الوكالة أو إطلاق اسم الوكيل على المخلوق، ولكن هذا لا يعني التشابه في الصفات لمجرد الاشتراك في الاسم؛ فأين سمع الإنسان من سمع الرحمن الذي وسع سمعه جميع الأصوات سرها وعلانيتها، وأين بصره من بصره سبحانه، وأين علمه وحكمته من علمه وحكمته. وقل هذا في جميع الصفات فإثباتنا لصفات الله تعالى مقرون بالتنزيه عن مشابهة الخلق في ذلك وقطع الطمع من إدراك الكيفية مع علمنا بمعناها، ومن ذلك إطلاق اسم (الوكيل) على المخلوق.

(1) البخاري (4563) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام