من أجل هذا كله، ومن أجل غيره مما يعلمه الله، قد يبطئ النصر، فتتضاعف التضحيات، وتتضاعف الآلام، مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية" (1) ."
ثانيًا: وهذا الأثر مرتبط بما قبله ألا وهو أن الإيمان باسمه سبحانه: (الناصر والنصير) يدفع المؤمن للأخذ بأسباب نصر الله تعالى له في الدنيا والآخرة، وذلك بالخضوع لأمره وشريعته ونصرة دينه في نفسه ومع الناس لأن التفريط في طاعة الله - عز وجل - باب إلى الخذلان والمصائب وتأخر نصر الله تعالى، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) } [محمد: 7] ، وقال سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِن اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) } [الحج: 40 - 41] .
يقول القرطبي - رحمه الله تعالى - عند قوله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} :""فإن قيل كيف قال تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} ، والنصر هو العون والله سبحانه لا يجوز عونه قولاً ولا يتصور فعلاً؟
فالجواب: من أوجه:
أحدها: إن تنصروا دين الله بالجهاد عنه ينصركم.
الثاني: إن تنصروا أولياء الله بالدعاء.
الثالث: إن تنصروا نبي الله وأضافَ النصر إلى الله تشريفًا للنبي صلى الله عليه وسلم وأوليائه وللدين، كما قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] ، فأضاف القرض إليه تسليةً للفقير" (2) ."
(1) في ظلال القرآن 4/ 2426، 2427.
(2) تفسير القرطبي: سورة محمد، الآية 7.