والله - جل شأنه - مولى الخلق أجمعين بمعنى أنه سيدهم ومالكم وخالقهم ومعبودهم الحق، كما في قوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62) } [الأنعام: 62] ، وقوله تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30) } [يونس: 30] ، ولا تتعارض هذه الآيات مع قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) } [محمد: 11] ، ويجيب الشيخ الشنقيطي - رحمه الله تعالى - عن هذا بقوله:"والجواب عن هذا: أن معنى كونه مولى الكافرين أنه مالكهم المتصرف فيهم بما شاء، ومعنى كونه مولى المؤمنين دون الكافرين، أي: ولاية المحبة والتوفيق والنصر، والعلم عند الله تعالى" (1) .
من آثار الإيمان بهذين الاسمين الكريمين:
أولاً: لما كان من معاني (المولى) المعنى الذي يدخل فيه الكافر والمؤمن بمعنى أنه سيد المخلوقات ومالكهم ومعبودهم الحق، فإن الإيمان بهذا الاسم الكريم يثمر محبة الله - عز وجل - وإفراده وحده سبحانه بالعبادة ونفيها عما سواه.
ثانيًا: وأما ولاية المحبة والتوفيق والنصرة فهي بهذا المعنى خاصة بالمؤمنين المتقين، وهي بهذا المعنى تثمر في قلوب أولياء الله الطمأنينة والثقة في نصرته سبحانه وكفايته وصدق التوكل عليه سبحانه قال الله - عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) } [محمد: 11] ، وهذا يثمر اليقين بذهاب الكفار وقطع دابرهم وإن ظهروا في وقت ما لحكمة فنهايتهم إلى ذهاب لأنهم مقطوعو الصلة بالله عز وجل.
(1) دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ص 6 11.