وتصويرنا الذي امتن الله علينا به يتمُّ على وجهين، الأول: تصوير أبينا آدم - عليه السلام - فقد خلقه الله تبارك وتعالى بيده، وصوره، ثم نفخ فيه الروح، وأسجد له ملائكته: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ} [الأعراف: 11] .
والتصوير الثاني لبني آدم، وهو الذي تم في الأرحام: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) } [آل عمران: 11] .
"وتصوير الله خلقه إعجاز وأي إعجاز، فلو نظرت إلى نوع واحد من أنواع المخلوقات وهو الإنسان فضلاً عن الجان والملائكة وأنواع الحيوان وغيرها لوجدت كل إنسان يمتاز بصورة لا يشابهه فيها غيره، فعلى الأرض اليوم ما يزيد على خمسة مليارات من البشر، كل واحد منهم تغاير صورته صورة غيره في الملامح والسمات، وفي الألوان والهيئات، وكم من البشر ولدوا فوق هذه الأرض فيما مضى، وكم سيخلق من البشر فيما سيأتي إلى يوم الدين، كل إنسان له صورته التي خلقه الله عليها، وعند التدقيق في الخلق والتكوين تتضح الفوارق أكثر وأكثر، فهي تختلف في بصمة الأصبع، وفي الجينات الوراثية، وما الله به عليم، إنه سبحانه الخالق البارئ المبدع المصور فتبارك الله رب العالمين."
"وصفة التصوير للأحياء لا يجوز للبشر أن يتشبهوا بالله فيها، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك في أحاديث كثيرة منها: (إن أشدَّ الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصورون) (1) ، وفي الحديث الآخر: (إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم) (2) وحديث: (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي .... الحديث) (3) ."
(1) البخاري (595) ، مسلم (2109) .
(2) البخاري (7558) ، مسلم (2108) .
(3) البخاري (5952) ، مسلم (2111) .