"إنه ليس في المعلومات أظهر من كون الله: (خالقًا) ، ولهذا أقرَّت به جميع الأمم - مؤمنهم وكافرهم- ولظهور ذلك؛ وكون العلم به بديهيًا فطريًا؛ احتجَّ الله به على من أشرك به في عبادته فقال: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزمر: 38] ، في غير موضع من كتابه."
فعُلِمَ أن كونه سبحانه (خالقًا) : من أظهر شيءٍ عند العقول، فكيف يكون الخبر عنه بذلك مجازًا؛ وهو أصل كلِّ حقيقةٍ، فجميع الحقائق تنتهي إلى خلقه وإيجاده، فهو الذي خلق وهو الذي علَّم، كما قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) } [العلق 1 - 5] .
فجميع الموجودات انتهت إلى خلقه وتعليمه، فكيف يكون كونه خالقًا عالمًا مجازًا؟ وإذا كان كونه خالقًا عالمًا مجازًا: لم يبق له فعلٌ حقيقة ولا اسمٌ حقيقة، فصارت أفعاله كلُّها مجازات، وأسماؤه الحسنى كلُّها مجازات ... إلى قوله: فإن جميع أهل الإسلام متفقون على أن الله خالق حقيقة لا مجازاً، بل وعباد الأصنام وجميع الملل" (1) ."
وقد ذكر - رحمه الله تعالى - اسمه سبحانه (الخلاق) في نونيته حيث قال:
"وكذاك يشهد أنه سبحانه الخلاق باعث هذه الأبدان" (2)
من آثار الإيمان باسمه (الخلاق) ، (الخالق) :
(1) مختصر الصواعق المرسلة 2/ 328.
(2) النونية البيت رقم (3085) .