فهرس الكتاب
الصفحة 33 من 683

وقال ابن بطال رحمه الله:"الإحصاء يقع بالقول، ويقع بالعمل، فالإحصاء القولي: يحصل بجمعها وحفظها، والسؤال بها، ولو شارك المؤمن غيره في العد والحفظ، فإن المؤمن يمتاز عنه بالإيمان والعمل بها. والإحصاء بالعمل: أن لله أسماء يختص بها كالأحد، والقدير، فيجب الإقرار بها والخضوع عندها، وله أسماء يستحب الاقتداء بها في معانيها، كالكريم، والعفو، فيستحب للعبد أن يتحلى بمعانيها ليؤدي حق العمل بها فبهذا يحصل الإحصاء العملي" (1) 2).

ويوضح الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - دعاء العبادة والثناء على الله - عز وجل - بأسمائه وصفاته فيقول:"أما دعاء العبادة فيقتضي أن يتعبد العبد لله - سبحانه وتعالى - بمقتضى الأسماء. فتؤثر معرفة هذه الأسماء في عبوديته الظاهرة والباطنة. فإذا علم العبد بسمع الله، وعلمه، وبصره، وأنه لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وأنه يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، يثمر له حفظ لسانه وجوارحه، وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضي الله" (2) 1).

وينقل ابن حجر- رحمه الله تعالى - عن ابن بطال قوله:"طريق العمل بها - أي بالأسماء - أن الذي يسوغ الاقتداء به فيها كالرحيم، والكريم، فإن الله يحب أن يرى خلالها على عبده؛ فليمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها، وما كان يختص بالله تعالى كالجبار، والعظيم فيجب على العبد الإقرار بها والخضوع لها، وعدم التحلي بصفة منها، وما كان فيه معنى الوعد نقف منه عند الطمع والرغبة، وما كان فيه معنى الوعيد نقف منه عند الخشية والرهبة، فهذا معنى أحصاها وحفظها" (3) 2).

(1) فتح الباري 13/ 390.

(2) مفتاح دار السعادة 2/ 90.

(3) فتح الباري 11/ 226.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام