(والفتاح) له معنى عام يشمل فتح كل مغلق من الأسباب كالرزق والعلم، وله معنى خاص كما هو المراد من آية سبأ، وهو الفصل والحكم الحق، ولذا فيقال في وجه اقتران هذين الاسمين الجليلين:"أنه إذا حمل الفتح على عموم معناه، فشمل فتح كل مغلق من الأسباب كالرزق والعلم كان اقتران اسم (العليم) به دالاً على كمال الفتح، وأنه يجري على مقتضى العلم، وفي ذلك صلاح العباد واستقامة أحوالهم، بخلاف ما لو كان فتحًا بغير علم، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا."
وإذا أريد بالفتح القضاء والحكم كان اقتران (الفتاح) بـ (العليم) دالاً على كمال الفتح أي: الحكم مشيرًا إلى استقامته على العدل والقسط، فلا تميل به الأهواء، ولا ينحرف به الجهل، ومثل هذا الحكم جدير بأن يرهب ويخاف" (1) ."
ويقول صاحب التحرير والتنوير:"وإنما أتبع (الفتاح) بـ (العليم) للدلالة على أن حكمه عدل محض لا تحف بحكمه أسباب الخطأ والجور الناشئة عن الجهل والعجز واتباع الضعف النفساني الناشئ عن الجهل بالأحوال والعواقب" (2) .
عاشرًا: اقتران اسمه سبحانه (العليم) باسمه سبحانه (الخلاق) :
وجاء هذا الاقتران في القرآن الكريم (مرتين) ، وذلك في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86) } [الحجر: 86] ، وقوله تعالى: {بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) } [يس: 81] .
(والخلاق) مبالغة من الخلق، وهو اسم خاص بالله عز جل: كثير الخلق حيث إن مخلوقاته لا يحصيها إلا هو، وهو مازال يخلق ما يشاء كيف شاء متى شاء سبحانه وبحمده.
(1) انظر مطابقة أسماء الله الحسنى المقام في القرآن الكريم ص 638.
(2) التحرير والتنوير 11/ 195.