ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:"اللطيف: الذي أحاط علمه بالسرائر والخفايا، وأدرك الخبايا والبواطن والأمور الدقيقة. اللطيف بعباده المؤمنين، الموصل إليهم مصالحهم بلطفه وإحسانه من طرق لا يشعرون بها. فهو بمعنى الخبير، وبمعنى الرؤوف" (1) .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - عند قوله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) } [الملك: 14] :"وهو بيان ما في المخلوقات من لطف الحكمة التي تتضمن إيصال الأمور إلى غاياتها بألطف الوجوه كما قال يوسف عليه السلام: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} [يوسف: 100] ، وهذا يستلزم العلم بالغاية المقصودة، والعلم بالطريق الموصل وكذلك الخبرة" (2) .
اقتران اسمه سبحانه (اللطيف) باسمه - عز وجل - (الخبير) :
ورد اسمه سبحانه (اللطيف) مقترنًا باسمه (الخبير) في خمس آيات منها قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) } [الأنعام: 103] . أي: الذي أحاط علمه بالخفايا والسرائر، وإدراك الخبايا والبواطن، ودقائق الأمور.
ولله - عز وجل - صفة كمال من كل من الاسمين الجليلين. وصفة كمال ثالثة من اجتماعهما؛ فكونه - عز وجل - (اللطيف الخبير) يعني: أن أفعاله التي لطفت عن أن تدركها العقول والأفهام قد أحاطت بما تعبت في إدراكه العقول والأفهام، وأن لطفه وصنائعه وبره وإحسانه، إنما دقت على العقول والأفهام؛ لأنها جارية على مقتضى خبرته التي هي فوق إدراك العقول والأفهام، فلطفه - عز وجل - وهو رفقه وإحسانه إنما هو لطف الخبير (3) .
(1) تفسير السعدي 5/ 489.
(2) مجموع الفتاوى 16/ 354.
(3) انظر (مطابقة أسماء الله الحسنى مقتضى المقام) د. نجلاء كردي ص 614 (بتصرف يسير) .