فهرس الكتاب
الصفحة 150 من 683

"ومن ظنَّ أنه يُسوي بين المتضادَّيْن، أو يفرق بين المتساويين من كل وجه، أو يُحبط طاعاتِ العمر المديد الخالصة الصواب بكبيرة واحدة تكون بعدها، فيخلد فاعل تلك الطاعات في النار أبدَ الآبدين بتلك الكبيرة، ويُحبطُ بها جميع طاعاته ويُخَلِّدُه في العذاب، كما يخلد من لا يؤمن به طرفة عين، وقد استنفد ساعاتِ عمره في مساخِطة ومعاداة رسله ودينه، فقد ظنَّ به ظن السوء."

"وبالجملة، فمن ظنَّ به خلاف ما وصف به نفسه ووصفه به رسله، أو عطل حقائق ما وصف به نفسه، ووصفته به رُسله، فقد ظنَّ به ظنَّ السَّوء."

"ومن ظن أن له ولدًا، أو شريكًا أو أن أحدًا يشفعُ عنده بدون إذنه، أو أن بينه وبين خلقه وسائط يرفعون حوائجهم إليه، أو أنه نَصَبَ لعباده أولياء من دونه يتقرّبون بهم إليه، ويتوسلون بهم إليه، ويجعلونهم وسائط بينهم وبينه، فيدعونهم، ويحبونهم كحبه، ويخافونهم ويرجونهم، فقد ظنَّ به أقبح َ الظن وأسوأه."

"ومن ظن به أنه ينالُ ما عنده بمعصيته ومخالفته، كما يناله بطاعته والتقرب إليه، فقد ظنَّ به خلافَ حِكمته وخلاف موجب أسمائه وصفاته، وهو من ظن السوء."

"ومن ظنَّ به أنه إذا ترك لأجله شيئًا لم يُعوِّضه خيرًا منه، أو من فعل لأجله شيئًا لم يُعطه أفضلَ منه، فقد ظنَّ به ظن السَّوءِ."

"ومن ظنَّ به أنه يغضبُ على عبده، ويُعاقبه ويحرمه بغير جُرم، ولا سبب من العبد إلا بمجرد المشيئة، ومحض الإرادة، فقد ظنَّ به ظن السوء."

"ومن ظنَّ به أنه إذا صدقه في الرغبة والرهبة، وتضرَّع إليه، وسأله، واستعان به، وتوكَّل عليه أنه يُخيِّبُه ولا يُعطيه ما سأله، فقد ظن به ظن السَّوء، وظنَّ به خلافَ ما هو أهلُه."

"ومن ظنَّ به أنه يثيبه إذا عصاه بما يُثيبه به إذا أطاعه، وسأله ذلك في دعائه، فقد ظنَّ به خلافَ ما تقتضيه حِكمتُه وحمده، وخلافَ ما هو أهلُه وما لا يفعله."

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام