فهرس الكتاب
الصفحة 136 من 683

وباب هذه المعرفة والتعبد هو معرفة إحاطة (الرب) سبحانه بالعالم وعظمته، وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السماوات السبع والأرضين السبع في يده كخردلة في يد العبد، قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ} [الإسراء: 60] ، وقال تعالى: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) } [البروج: 20] ، ولهذا يقرن سبحانه بين هذين الاسمين الدالين على هذين المعنين: اسم العلو الدال على أنه (الظاهر) وأنه لا شيء فوقه، واسم العظمة الدال على الإحاطة وأنه لا شيء دونه، كما قال تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) } [الشورى: 4] ، وقال - عز وجل: {ں uqedur الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23) } [سبأ:23] ، وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِن اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) } [البقرة: 115] (1) 1).

ويقول في موطن آخر:"وأما التعبد باسمه (الباطن) فإذا شهدت إحاطته بالعوالم وقرب البعيد منه، وظهور البواطن له، وبدو السرائر وأنه لا شيء بينه وبينها فعامله بمقتضى هذا الشهود، وطهر له سريرتك فإنها عنده علانية، وأصلح له غيبك فإنه عنده شهادة، وزك له باطنك فإنه عنده ظاهر" (2) 2).

من أسرار اقتران أسماء الله الحسنى (الأول، الآخر، الظاهر، الباطن) :

قد ذكر الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - جانبًا من دلالات هذا الاقتران، فقال رحمه الله تعالى:"فمعرفة هذه الأسماء الأربعة: (الأول، والآخر، والظاهر، والباطن) هي (3) أركان العلم والمعرفة، فحقيق بالعبد أن يبلغ في معرفتها إلى حيث ينتهي به قواه وفهمه."

(1) طريق الهجرتين ص 32.

(2) نفس المصدر ص 26.

(3) هكذا في المطبوع، ولعلها:"هي من أركان العلم والمعرفة".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام