ويقول في موطن آخر:"فالقائم بنفسه أكمل ممن لا يقوم بنفسه، ومن كان غناه من لوازم ذاته فقيامه بنفسه من لوازم ذاته. وهذه حقيقة قيوميته سبحانه. وهو (الحي القيوم) فالقيوم: القائم بنفسه المقيم لغيره" (1) 2).
وقال في موطن ثالث:"وأما (القيوم) فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته، فإنه القائم بنفسه لا يحتاج إلى من يقيمه بوجه من الوجوه. وهذا من كمال غناه بنفسه عما سواه، وهو المقيم لغيره فلا قيام لغيره إلا بإقامته، وهذا من كمال قدرته وعزته" (2) 3).
ويقول الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى - عن هذين الاسمين الكريمين: (الحي) الجامع لصفات الذات. و (القيوم) الجامع لصفات الأفعال" (3) 4)."
فتضمن هذان الاسمان الكريمان معاني أسمائه وصفاته وأفعاله، ولهذا قيل: إن (الحي القيوم) هو الاسم الأعظم.
ومن معاني (القيوم) الباقي الذي لا يزول، وهذا المعنى قد أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - بقوله:"لهذا كان اسم"القيوم"يتضمن أنه لا يزول، فلا ينقص بعد كمالِه، ويتضمن أنه لم يزل ولا يزال دائمًا باقيًا أزليًّا أبديّاً موصوفًا بصفاتِ الكمال، من غير حدوثِ نقصِ أو تغيُّرٍ بفسادٍ واستحالةِ ونحو ذلك مما يعتري ما يزول من الموجودات، فإنه - سبحانه وتعالى -"القيوم". ولهذا كان من تمام كونِه قيومًا لا يزولُ أنه لا تأخذه سِنَةٌ ولا نومٌ، فإن السِّنة والنوم فيهما زوال ينافي القيومية، لما فيهما من النقص بزوال كمالِ الحياة والعلم والقدرة، فإن النائم يحصل له من نقص العلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والكلام وغير ذلك ما يظهر نقصه بالنسبة إلى الشيطان. ولهذا كان النوم أخا الموت" (4) 1).
من آثار الإيمان بهذين الاسمين الكريمين:
(1) الصواعق المرسلة 4/ 1328، 1329.
(2) بدائع الفوائد 2/ 410.
(3) تفسير السعدي 5/ 490.
(4) جامع المسائل ت: محمد عزيز شمس، إشراف: بكر بن عبدالله أبو زيد ص 55.