رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ نَزَلَ منزلاً فقال: أعوذُ بكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [1] ،
(1) بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهنّ بَرٌّ ولا فاجر». وقال سبحانه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] ، وقال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام:115] والكون كله داخل تحت هذه الكلمات.
والنوع الثاني: الكلمات الدينية: وهي القرآن وشرع الله الذي بعث به رسوله، وهي أمره ونهيه، وخبره وحظ العبد منها العلم بها والعمل، والأمر بما أمر الله به كما أن حظ العبد عموماً وخصوصاً من الأولى العلم بالكونيات والتأثير فيها أي بموجبها، فالأولى قدرية كونية، والثانية شرعية دينية، وكشف الأولى العلم بالحوادث الكونية، وكشف الثانية العلم بالمأمورات الشرعية، وقدرة الأولى التأثير في الكونيات، وقدرة الثانية التأثير في الشرعيات». انتهى ملخصاً.
وقد نصَّ الأئمة كأحمد وغيره على أنه لا تجوز الاستعاذة بمخلوق، وردوا على الجهمية والمعتزلة في قولهم بخلق القرآن، فلو كانت كلمات الله مخلوقة لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستعاذة بها؛ لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك.
قوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} أي من شر كل ذي شر في أي مخلوق قام به الشر من حيوان أو غيره إنسياً أو جنياً أو هامة أو دابة أو ريحاً أو صاعقة، أي نوع كان من أنواع البلاء في الدنيا والآخرة. قاله ابن القيم.
قال: «و {مَا} هاهنا موصولة وليس المراد بها العموم الإطلاقي، بل المراد التقييد الوصفي والمعنى: من شر كل مخلوق فيه شر، لا من شر ما خلقه الله؛ فإن الجنة والملائكة والأنبياء ليس فيهم شر، والشر يقال على شيئين: على الألم، وعلى ما يفضي إليه.
* برقم (2708) .
وقوله: «لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك» . رواه مسلم*». وفيه جواز الاستعاذة بكلمات الله والاستدلال على ذلك بالحديث؛ لأن العلماء استدلوا به على أن كلمات الله غير مخلوقة، قالوا: لأن الاستعاذة بالمخلوق شرك. وفيه: فضيلة هذا الدعاء مع اختصاره. قاله المصنف رحمه الله تعالى.