فهرس الكتاب
الصفحة 97 من 358

وقول الله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [1] [الجن: 6] .

عن خَولةَ بنت حكيم [2]

(1) قوله: «وقول الله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} ذكر ابن جرير في تفسير هذه الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رجال من الإنس يبيت أحدُهم بالوادي في الجاهلية فيقول أعوذُ بعزيز هذا الوادي من سفهاء قومه، فزادهم ذلك إثماً، وقال بعضهم: فزاد الإنس الجن باستعاذتهم بعزيزهم جراءة عليهم، وزادوهم بذلك إثماً. وقال مجاهد: فازداد الكفار طغياناً. وقال ابن زيد: وزادهم الجن خوفاً» . انتهى.

وفيه: معرفة تفسير سورة الجن وكون الاستعاذة بالجن من الشرك. قاله المصنف رحمه الله تعالى. وقد قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإنْسِ}

(2) [الأنعام: 128] أي من إغوائهم {وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ} فاستمتاع الإنسي بالجني في قضاء حوائجه وامتثال أوامره وإخباره بشيء من المغيبات، واستمتاع الجني بالإنسي تعظيمه إياه واستعاذته به وخضوعه له. وفيه: كون الشيء يحصل به منفعة دنيوية من كف شر، أو جلب نفع؛ لا يدل على أنه ليس من الشرك. قاله المصنف رحمه الله تعالى.

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى [بدائع الفوائد 2/ 235] : «ومن ذبح للشيطان ودعاه، واستعاذ به وتقرَّب إليه بما يحب فقد عبده، وإن لم يسمِّ ذلك عبادة ويسميه استخداماً، وصدق هو استخدام من الشيطان له، فيصير من خدم الشيطان وعابديه، وبذلك يخدمه الشيطان، لكن خدمة الشيطان له ليست خدمة عبادة؛ فإن الشيطان لا يخضع له ولا يعبده كما يفعل هو» . انتهى.

قوله: «عن خولة بنت حكيم» بن أمية السلمية، يقال لها أم شريك ويقال إنها الواهبة، وكانت قبل تحت عثمان بن مظعون. قال ابن عبدالبر: كانت صالحة فاضلة. «قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من نزل منزلاً - أي حضراً أو سفراً، براً أو بحراً - فقال: أعوذ بكلمات الله التامات» قال القرطبي: قيل معناها: الكاملات التي لا يلحقها نقص ولا عيب كما يلحق كلام البشر. وقيل: الشافية الكافية، والكلمات هنا هي القرآن، فإن الله أخبر عنه أنه هدى وشفاء، وهذا الأمر على جهة الإرشاد إلى ما يدفع به الأذى، فهذا الذي شرعه الله لأهل الإسلام أن يستعيذوا به لا كما يفعله أهل الجاهلية من الاستعاذة بالجن.

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: «كلمات الله نوعان: كلمات كونية، وكلمات دينية، فكلماته الكونية هي التي استعاذ بها النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «أعوذ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام