وقول الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: 7] .
وقوله: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} (2) [البقرة:270] [1] .
(1) قوله: «وقول الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} قال ابن كثير [التفسير 1/ 705] : «يخبر تعالى بأنه عالم بجميع ما يعمله العاملون من [الخيرات من] * النفقات والمنذورات وتضمن ذلك مجازاته على ذلك أوفر الجزاء للعاملين به ابتغاء وجهه» . انتهى.
وقال شيخ الإسلام: «النذر لغير الله كالنذر للأصنام والشمس والقمر والقبور ونحو ذلك، بمنزلة أن يحلف بغير الله من المخلوقات، والحالف بالمخلوقات لا وفاء عليه ولا كفارة، وكذلك الناذر للمخلوقات فإن كليهما شرك، والشرك ليس له
* ... من تفسير ابن كثير.
حرمة بل عليه أن يستغفر الله من هذا ويقول ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «من حلف وقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل لا إله إلا الله» *. رواه البخاري ومسلم وأبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه -».
وقال فيمن نذر للقبور ونحوها دهناً لتُنوَّر بها به ويقول إنها تقبل النذر كما يفعله بعض المشركين فهذا النذر معصية باتفاق المسلمين لا يجوز الوفاء به، وكذلك إذا نذر مالاً للسدنة أو المجاورين العاكفين بتلك البقعة فإن فيهم شبهاً من السدنة التي كانت عند اللات والعزى ومناة، يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله، والمجاورون هناك فيهم شَبَهٌ من الذين قال فيهم الخليل عليه السلام: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء:52] ، وفيهم شبه من النذر لسدنة الصلبان والمجاورين عندها، أو لسدنة الأبداد في الهند والمجاورين عندها. قال الرافعي في «شرح المنهاج» : «وأما النذر المشاهد التي على قبر ولي أو شيخ أو على اسم من حلها من الأولياء أو تردد في تلك البقعة أو المشهد أو الزاوية، أو تعظيم من دفن بها أو نسبت إليه أو بنيت على اسمه، فهذا النذر باطلٌ غير منعقد، فإن معتقدهم أن لهذه الأماكن خصوصيات، ويرون أنها مما يدفع به البلاء، أو يستجلب به النعماء، أو يُستشفى بالنذر لها من الأدواء، حتى إنهم لينذرون لبعض الأحجار لما قيل لهم إنه استند إليه عبد صالح، وينذرون لبعض القبور السرج والشمع والزيت ويقولون: القبر الفلاني يقبل النذر، ويعنون بذلك أنه يحصل به الغرض المأمول من شفاء مريض، وقدوم غائب، وسلامة مال، وغير ذلك من أنواع نذر المجازات، فهذا النذر على هذا الوجه باطلٌ لا شك فيه، بل نذر الزيت و الشمع ونحوهما للقبور باطل، ومن ذلك نذر الشموع الكثيرة العظيمة وغيرها لقبر إبراهيم الخليل عليه السلام، ولقبر غيره تبركاً وتعظيماً ظاناً أن ذلك قربة، فهذا مما لا ريب في بطلانه، والإيقاد المذكور محرم سواء انتفع به منتفعٌ أم لا» .
* سبق تخريجه قريباً.