فهرس الكتاب
الصفحة 92 من 358

قالوا: لا. قال: «فهل كان فيها عيدٌ من أعيادهم؟» . قالوا: لا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أوفِ بنذرِكَ [1] ،

(1) قوله: «فقال أوفِ بنذرك» حيث تحقّق عدم المانع من الوفاء به «فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله» . وفيه: أنه لا وفاء لنذر في معصية الله. قاله المصنف رحمه الله؛ وهذا يدل على تحريم الوفاء بنذر المعصية، وهل تجب فيه كفارة يمين؟ على قولين هما روايتان عن أحمد:

إحداهما: تجب، وهي المذهب، روي عن ابن عباس وابن مسعود، وبه قال أبوحنيفة وأصحابه لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً «لا نذر في معصية،

* أخرجه ابن ماجه (1098) ، وأحمد (2/ 303، 532) ، وحسَّنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/ 326) رقم (908) .

** أخرجه أحمد (2/ 367) . قال الألباني: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم، وهو صحيح، لما له من طرق وشواهد. انظر أحكام الجنائز (ص/280) .

*** أخرجه البخاري (952) ، ومسلم (892) .

وكفّارته كفّارة يمين» *. رواه أحمد وأهل السنن، واحتج به أحمد وإسحاق.

والثاني: لا تجب فيه كفارة يمين، روي ذلك عن مسروق والشعبي والشافعي لحديث الباب.

قال شيخ الإسلام: «وأما نذره لغيره الله فهو بمنزلة أن يحلف بغير الله، والحالف بالمخلوقات لا وفاء عليه ولا الكفارة، وكذلك الناذر للمخلوقات، فإن كليهما شرك، والشرك ليس له حرمة بل عليه أن يستغفر الله من هذا العقد، ويقول ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله» **.

وفيه: أن تخصيص البقعة بالنذر لا بأس به إذا خلا من الموانع، والمنع منه إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ولو بعد زواله، والمنع منه إذا كان فيه عيدٌ من أعيادهم ولو بعد زواله، وأنه لا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة لأنه نذر معصية، والحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ولو لم يقصده». قاله المصنف رحمه الله.

قال في «قرة العيون» ***: «وفيه: المنع من اتخاذ آثار المشركين محلاً للعبادة لكونها صارت محلاً لما حرم الله من الشرك والمعاصي، والحديث وإن كان في النذر فيشمل كل ما كان عبادة، فلا تفعل في هذه الأماكن الخبيثة التي اتخذت محلاً لما يسخط الله تعالى، فبهذا صار الحديث شاهداً للترجمة، والمصنف لم يرد التخصيص بالذبح وإنما ذكر الذبح كالمثال، وقد استشكل جعل محل اللاّت بالطائف مسجداً» . انتهى.

قلت: لا إشكال مع ما ذكرناه عن شيخ الإسلام فيما تقدم أول الباب.

* أخرجه أحمد (6/ 247) ، وأبوداود (3290، 3291) ، والترمذي (1524) وقال: هذا حديث لا يصح، وابن ماجه (2125) ، والنسائي (7/ 26) . وضعَّفه النووي في شرحه صحيح مسلم (11/ 101) قال: «حديث ضعيف باتفاق المحدثين» .

** أخرجه البخاري (6650) ، ومسلم (1647) .

*** (ص/83 - 84) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام