فهرس الكتاب
الصفحة 91 من 358

الآية [التوبة: 108] .

عن ثابت بن الضَّحَّاك (1) - رضي الله عنه - قال: نَذَر رجلٌ أن ينحر إبلاً ببُوانَةَ، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «هل كان فيها وثنٌ من أوثان الجاهلية يُعبَد؟» [1]

(1) لأنه إذا كان مسجد قباء قد أُُسِّسَ على التقوى من أول يوم فمسجدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطريق الأَوْلَى». انتهى.

وقال شيخ الإسلام على قوله: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} : «فإنه من أمكنة العذاب. قال سبحانه: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة:109] ، وقد روي أنه لم هُدم خرج منه دخان، وهذا كما أنه ندب إلى الصلاة في أمكنة الرحمة كالمساجد الثلاثة ومسجد قباء، فكذلك نهى عن الصلاة في أماكن العذاب، وأما أماكن الكفر التي لم يكن فيها عذاب، إذا جعلت مكاناً للإيمان والطاعة فهذا حسن، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الطائف أن يجعلوا المسجد مكان طاغيتهم، وأمر أهل اليمامة أن يتخذوا المسجد مكان بيعة كانت عندهم» . انتهى.

وفيه: معرفة تفسير: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} ، وأن المعصية قد تؤثر في الأرض وكذلك الطاعة. قاله المصنف رحمه الله.

قوله: «عن ثابت بن الضحاك» بن خليفة الأشهلي صحابي مشهور روى عنه أبوقلابة وغيره، مات سنة أربع وستين «قال نذر رجل أن ينحر إبلاً ببُوانة» بضم الموحدة وقيل بفتحها.

قال البغوي: «موضع في أسفل مكة دون يلملم» .

وقال أبوالسعادات: «هضبة من وراء ينبع» .

«فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد؟. قالوا: لا» والوثن ما ليس منحوتاً على صورة، والصنم ما كان منحوتاً على صورة، ويطلق عليه أيضاً الوثن.

«فقال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا» قال شيخ الإسلام [الاقتضاء 1/ 441] : «العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائداً إما بعود

السنة، أو بعود الأسبوع أو الشهر ونحو ذلك، والمراد هنا الاجتماع المعتاد من اجتماع أهل الجاهلية، فالعيد يجمع أموراً منها: يوم عائد كيوم الفطر، ويوم الجمعة، ومنها اجتماع فيه، ومنها أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات، وقد يختص العيد بمكان وقد يكون مطلقاً، وكل من هذه الأمور يُسمى عيداً، والزمان كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم الجمعة «إن هذا يوم جعله الله للمسلمين عيداً» *، والاجتماع والأعمال كقول ابن عباس رضي الله عنهما: شهدت العيد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمكان كقول النبي - صلى الله عليه وسلم: «لا تتخذوا قبري عيداً» ** وقد يكون لفظ العيد اسماً لمجموع اليوم والعمل وهو الغالب كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للجاريتين اللتين تغنيان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بما تناشدته الأنصار يوم بُعاث «دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيداً» ***».

وفيه: رد المسألة المشكلة إلى المسألة البيّنة ليزول الإشكال، والاستفصال للمفتي إذا احتاج إلى ذلك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام