فهرس الكتاب
الصفحة 52 من 358

الآية [يوسف:108] .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذاً إلى اليمن [1]

(1) قال ابن القيم رحمه الله تعالى [مدارج السالكين 2/ 481] : «البصيرة التي تكون نسبة المعلوم فيها إلى القلب كنسبة المرئي إلى البصر. هي الخصيصة التي اختص بها الصحابة عن سائر الأمة، وهي أعلى درجات العلماء، قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} أي أنا وأتباعي على بصيرة. وقيل: {وَمَنِ اتَّبَعَنِي} عطف على المرفوع في {أَدْعُو} ، أي أنا أدعو إلى الله على بصيرة، ومن اتبعني كذلك يدعو إلى الله على بصيرة، وعلى القولين فالآية تدل على أن أتباعه هم أهل البصائر الداعين إلى الله تعالى على بصيرة، ومن ليس منهم فليس من أتباعه على الحقيقة والموافقة وإن كان من أتباعه على الانتساب والدعوة» .

وفيه: أن الدعوة إلى الله طريق من اتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والتنبيه على الإخلاص؛ لأن كثيراً لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه، وأن البصيرة من الفرائض، وأن من دلائل حسن التوحيد أنه تنزيه لله عن المسبّة، وإن من قبح الشرك كونه مسبة لله.

وفيه: -وهي أهمها- إبعاد المسلم عن المشركين لا يصير منهم ولو لم يشرك. قاله المصنف رحمه الله.

وقال ابن القيم [مفتاح دار السعادة 1/ 193] على قوله {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} الآية [النحل: 125] : «ذكر سبحانه مراتب الدعوة، وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو فإنه:

إما أن يكون طالباً للحق محباً له، مؤثراً له على غيره إذا عرفه، فهذا يُدعى بالحكمة، ولا يحتاج إلى موعظة وجدال.

وإما أن يكون مشتغلاً بضد الحق، لكن لو عرفه آثره واتبعه. فهذا يحتاج إلى الموعظة بالترغيب والترهيب.

وإما أن يكون معانداً معارضاً فهذا يُجادل بالتي هي أحسن، فإن رجع وإلاّ انتقل معه إلى الجلاد إن أمكن». انتهى.

قوله: «وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذاً إلى اليمن» قال الحافظ ابن حجر: «كان بعث معاذ إلى اليمن سنة عشر قبل حج النبي - صلى الله عليه وسلم - كما

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام