ولمسلم عن جابر (1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ لقي الله لا يُشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يُشرك به شيئاً دخل النار» [1] .
(1) حباً له ما ذاك في إمكان ... أتحب أعداء الحبيب وتدّعي
أين المحبة يا أخا الشيطان ... وكذا تعادي جاهداً أحبابه
قوله: «ولمسلم عن جابر» بن عبدالله بن حرام الأنصاري ثم السَّلَمي - بفتحتين - صحابي ابن صحابي مكثر له، ولأبيه مناقب مشهورة رضي الله عنهما، مات بالمدينة بعد السبعين، وقد كُفَّ بصره وله أربع وتسعون سنة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار» وهذا هو الشاهد من الحديث للترجمة.
قال القرطبي على قوله «من لقي الله» : «أي: من لم يتخذ مع الله شريكاً في الإلهية، ولا في الخلق، ولا في العبادة، ومن المعلوم المجمع عليه عند أهل السنة أن من مات على ذلك فلا بد له من دخول الجنة، وإن جرت عليه قبل ذلك أنواعٌ من العذاب والمحنة، وأن من مات على الشرك لا يدخل الجنة، ولا يناله من الله رحمة، ويُخلد في النار أبد الآباد، من غير انقطاع عذاب، ولا تصرم آماد، وهذا معلوم ضرورة من الدين، مجمع عليه بين المسلمين» . انتهى.
وقال النووي [شرح مسلم 2/ 297] : «أما دخول المشرك النار فهو على عمومه، فيدخلها ويخلد فيها ولا فرق بين الكتابي اليهودي والنصراني وبين عبدة الأوثان وسائر الكفار، ولافرق عند أهل الحق بين الكافر عناداً وغيره، ولا بين من خالف ملة الإسلام وبين من انتسب إليها ثم حكم بكفره، بجحده وغير ذلك، وأما دخول من مات غير مشرك الجنة فهو مقطوع به، لكن إن لم يكن صاحب كبيرة مات مصراً عليها فهو تحت المشيئة، فإن عُفي عنه دخل الجنة أولاً وإلا عُذِّب ثم أُخرج فيدخل الجنة» .
وقال غيره*: قوله: «من لقي الله لا يشرك به شيئاً» «اقتصر على نفي الشرك،
* ... الشيخ سليمان بن عبدالله في تيسير العزيز الحميد (ص/122) .
لاستدعائه التوحيد بالاقتضاء والرسالة باللزوم، إذ من كذَّب رسل الله فقد كذَّب الله، ومن كذب الله فهو مشرك. وهو كقولك: من توضأ صحَّت صلاته أي مع سائر الشروط، فالمراد من مات حال كونه مؤمناً بجميع ما يجب الإيمان به، إجمالاً في