وقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [1] [النساء:48] .
(1) هؤلاء إنما يعبدون الجن وقد يعتقدون أنهم يعبدون الملائكة، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ} [سبأ:40 - 41] ، والملائكة لا تعينهم على الشرك ولا يرضون بذلك ولكن الشياطين قد تعينهم وتتصور لهم في صور الآدميين فيرونهم بأعينهم ويقول أحدهم: أنا إبراهيم، أنا المسيح، أن الخضر. والجن كالإنس منهم الكافر، ومنهم الفاسق ومنهم العاصي وفيهم العابد الجاهل». انتهى.
قوله: «وقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} » أخبر تعالى أنه لا يغفر لعبد لقيه وهو مشرك به، وهذا هو الشاهد من الآية للترجمة، ويغفر ما دون ذلك، أي: ما دون الشرك من الذنوب لمن يشاء من عباده.
وفي الآية: ردٌّ على الخوارج المكفِّرين بالذنوب، وعلى المعتزلة أصحاب المنزلة بين المنزلتين، فإن الله جعل مغفرة ما دون الشرك من الذنوب معلقة بالمشيئة.
قال شيخ الإسلام [الفتاوى 7/ 484 - 485] : «ولا يجوز أن يُحمل هذا على التائب، فإن التائب لا فرق في حقه بين الشرك وغيره، كما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] فهنا عمَّمَ وأطلق لأن المراد به التائب، وهناك خصَّ وعلَّق؛ لأن المراد من لم يتب» . انتهى.