وشره أحرقه اللهُ بالنار» [1] .
وفي المسند [2] والسنن عن ابن الدَّيلَمي (3) قال: أتيتُ أُبيَّ بن كعب فقلت: في نفسي شيء من القدر، فحدِّثني بشيءٍ لعلَّ الله يُذهبُه من قلبي [3] .
(1) قوله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره أحرقه الله بالنار» * ... أي: لكفره، أو بدعته إن كان ممن يُقرّ بالعلم السابق وينكر خلق أفعال العباد، فإن صاحب البدعة معرَّضٌ للوعيد كأصحاب الكبائر، بل أعظم. قاله في «الشرح» **.
(2) قوله: «وفي المسند» أي مسند الإمام أحمد «والسنن» أي سنن أبي داود وابن ماجه.
(3) قوله: «عن ابن الديلمي» وهو عبدالله بن فيروز الديلمي، وفيروز قاتل الأسود العنسي الكذّاب، وعبدالله هذا ثقة من كبار التابعين، بل ذكره بعضهم في الصحابة، والديلمي نسبة إلى جبل الديلم، وهو من أبناء فارس الذين بعثهم كسرى إلى اليمن «قال: أتيتُ أُبيَّ بن كعب فقلت: في نفسي شيءٌ من القدر، فحدِّثني بشيء لعل الله يُذهبه من قلبي، فقال: لو أنفقتَ مثلَ أُحُد ذهباً ما قَبِله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليُصيبك، ولو مُت على غير هذا لكنتَ من أهل النار. قال: فأتيتُ عبدالله بن مسعود وحُذيفة بن اليمان وزيد بن ثابت، كلُّهم حدثني بمثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. حديث صحيح، رواه الحاكم في صحيحه» ***. وفي رواية ابن ماجه زيادة اختصرها المصنف وهي: «لو أن الله عذَّب أهل سمواته وأهل أرضه لعذَّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم» . وفيه: عادة
* أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (111) وصححه الألباني. ...
** (ص/606) .
*** أخرجه أحمد (5/ 182، 185، 189) ، وأبوداود (4699) ، وابن ماجه (77) . قال الألباني: صحيح، انظر: سنن أبي داود (3/ 890) رقم (3932) .
السلف في إزالة الشبهة بسؤال العلماء، وأن العلماء أجابوه بما يُزيل الشبهة، وذلك أنهم نسبوا الكلام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقط. قاله المصنف رحمه الله تعالى.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «وهاهنا أمرٌ يجب التنبيه عليه والتنبُّه له، وبمعرفته تزول إشكالات كثيرة تعرض لمن لم يحط به علماً: وهو أن الله سبحانه له الخلقُ والأمر، وأمرُه سبحانه نوعان: أمرُ كوني قدري، وأمرٌ ديني شرعي. فمشيئته سبحانه متعلقه بخلقه وأمره الكوني، وأما محبته ورضاه فمتعلقةٌ بأمره الديني وشرعه الذي شَرَعَه على ألسنة رسله، فما وجد منه تعلقت به المحبة والمشيئة جميعاً فهو محبوب للرب واقع بمشيئته، وما لم يُوجد منه تعلّقت به محبته وأمره الديني ولم تتعلق به مشيئته، وما وجد من الكفر والفسوق والمعاصي تعلقت به مشيئته ولم تتعلق به محبته ولا رضاه ولا أمره الديني، وما لم يُوجد منها لم تتعلق به مشيئته ولا محبته، فلفظ المشيئة كوني، ولفظ المحبة ديني شرعي، ولفظ الإرادة ينقسم إلى إرادة كونية فتكون هي المشيئة، وإرادة دينية فتكون هي المحبة» . انتهى.
وقال أيضاً: «وهو يُعاقب الخلق على مخالفة أمره وإرادته الشرعية وإن كان ذلك بإرادته القدرية، فإن القدر كما جرى بالمعصية جرى أيضاً بعقابها» . انتهى.