وقال عون بن عبدالله [1] : يقولون: لولا فلان لم يكن كذا.
وقال ابن قُتيبة [2] : يقولون هذا بشفاعة آلهتنا.
وقال أبوالعباس [3]
(1) قوله: «وقال عون بن عبدالله» بن عتبة بن مسعود أبوعبدالله الكوفي ثقة عابد، مات في سنة عشرين ومائة في الآية «يقولون: لولا فلان لم يكن كذا» رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقال ابن القيم: «ما معناه هذا يتضمن قطع إضافة النعمة عن من لولاه لم تكن وإضفاتها إلى من لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فضلاً عن غيره، وغايته أن يكون جزاء من السبب أجرى الله نعمته على يده، والسبب لا يستقل بالإيجاد، وجعله سبباً هو من نعم الله عليه فهو المنعم بتلك النعمة وهو المنعم بما جعله سبباً من أسبابها، فالسبب والمسبب من إنعامه وهو سبحانه كما قد ينعم بذلك السبب، فقد ينعم بدونه ولا يكون له أثر، وقد يسلبه سببيته وقد يجعل لها معارضاً يقاومها، وقد يرتب على السبب ضد مقتضاه فهو وحده المنعم على الحقيقة» .
(2) قوله: «وقال - أبومحمد عبدالله بن مسلم - بن قتيبة» الدينيوري الحافظ، صاحب «التفسير» و «المعارف» وغيرهما، وثّقه الخطيب وغيره، ومات سنة سبع وستين ومائتين أو قبلها «يقولون: هذا بشفاعة آلهتنا» قال ابن القيم: «هذا يتضمن الشرك مع إضافة النعمة إلى غير وليها، فالآلهة التي تُعبد من دون الله أحقر وأذلّ من أن تشفع عند الله وهي محضرة في الهوان والعذاب مع عابديها، وأقرب الخلق إلى الله وأحبهم إليه لا يشفع عنده إلا من بعد إذنه لمن ارتضاه، والشفاعة عنده بإذنه من نعمه فهو المنعم بالشفاعة وهو المنعم بقبولها وهو المنعم بتأهيل المشفوع له، إذ ليس كل أحد أهلاً أن يشفع له، فمن المنعم على الحقيقة سواه؟» . انتهى.
(3) قوله: «وقال الإمام أبوالعباس» شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام
ابن تيمية الحراني رحمه الله تعالى ورضي عنه بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه أن الله قال: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر» وهذا كثير في الكتاب والسنة يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به، قال بعض السلف: هو كقولهم: كانت الريح طيبة والملاّح حاذقاً ونحو ذلك مما هو جارٍ على ألسنة كثير» *. انتهى. وكلام الشيخ هذا يدل على أن حكم هذه الآية عام في كل من نسب النعم إلى غير الله الذي أنعم بها، وأسند أسبابها إلى غيره كما هو مذكور في كلام المفسرين المذكور بعضه هنا وذلك من أنواع الشرك كما لا يخفى. قاله في «قرة العيون» **.
وفيه: معرفة النعمة وإنكارها، ومعرفة أن هذا جار على ألسنة كثير، وتسمية هذا الكلام إنكاراً للنعمة، واجتماع الضدين في القلب. قاله المصنف رحمه الله تعالى.
قلت: والمراد بالضدين معرفة النعمة وإنكارها.
* تقدم تخريجه (ص/246) .
** (ص/203) .