وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - [1] قال: كنتُ رديفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار [2] ، فقال لي: «يا معاذ، أتدري ما حقُّ الله على العباد، وما حقُّ العباد على الله؟» [3] .
(1) وهذا الأثر رواه الترمذي وحسنه، وابن المنذر وابن أبي حاتم بنحوه، وليس المراد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتبها وختم عليها، وإنما المراد أنه - صلى الله عليه وسلم - لو أوصى لما أوصى إلا بما أوصى به ربه في كتابه، كما قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم: «وإني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله» **.
وفيه: التنبيه على وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند موته. قاله المصنف رحمه الله.
قوله: «وعن معاذ بن جبل» بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، أبوعبدالرحمن، صحابي مشهور من أعيان الصحابة - رضي الله عنه -، شهد بدراً، وما بعدها. قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «معاذ أعلم أمتي بالحلال والحرام» *** كان إليه المنتهى في العلم والأحكام والقرآن، بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن معلماً ومفقهاً، وقد استخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل مكة يوم الفتح يعلمهم دينهم. مات سنة ثمان عشرة بالشام.
(2) قوله: «كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار» في رواية: اسمه عفير أهداه له المقوقس صاحب مصر، قاله في «فتح المجيد» .
وفيه فضيلة معاذ إرداف النبي - صلى الله عليه وسلم - له خلفه، وجواز الإرداف على الدابة إذا كانت تطيق ذلك، وتواضعه - صلى الله عليه وسلم - لركوب الحمار مع الإرداف عليه. قاله المصنف رحمه الله.
(3) قوله: «فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على
* أخرجه الترمذي (3070) وقال: حسن غريب. والطبراني في «الكبير» (10060) ، وفي «الأوسط» (1208) . قال الألباني: ضعيف الإسناد.
** أخرجه مسلم (1218) ، وأحمد (4/ 366) ، والترمذي (3790) .
*** أخرجه الترمذي (4043) ، وابن ماجه (154) ، وابن حبان (2218) و (2219) باختلاف في بعض ألفاظه، والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (1224) .
الله؟» أخرج السؤال بصيغة الاستفهام ليكون أوقع في النفس وأبلغ في الفهم، فإن الإنسان إذا سُئل عن مسألة لا علم له بها ثم أخبر عنها بعد الامتحان بالسؤال يكون أدعى لفهمها وحفظها. و «الدراية» : المعرفة.
وفيه: جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض. قاله المصنف رحمه الله تعالى.