حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ [1] بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتكم قبوراً [2] ،
(1) «إن هذا الدين يسر» *.
وقوله: {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} أي على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم، وهذا هو الشاهد من الآية للترجمة. وروى الطبراني بسند جيد عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: تركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما طائرٌ يقلّب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكر لنا فيه علماً، وقال - صلى الله عليه وسلم: «ما بقي شيء يقرِّب من الجنة ويُباعد من النار إلا وقد بيّنتُه لكم» **.
وقوله: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} أي المؤمنين به، فحرصه على الهداية عام لجميع الأمة، ورأفته ورحمته خاصة بالمؤمنين به، قال أبوعبيدة: الرأفة أرقّ الرحمة، وفيه: معرفة تفسير آية براءة وإبعاد أمته عن هذا الحمى غاية البعد، وذكر حرصه علينا ورأفته ورحمته. قاله المصنف رحمه الله.
(2) قوله: «وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتكم قبوراً» .
قال شيخ الإسلام: أي لا تعطّلوها من الصلاة فيها، والدعاء والقراءة فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحري العبادة في البيوت ونهى عن تحرِّيها عند القبور عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبَّه بهم من هذه الأمة ممن يدّعي الإسلام. وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان يفر من البيت الذي يسمع سورة البقرة تقرأ فيه» ***. وفيه الحث على النافلة في البيت، وأنه متقرر عندهم أنه لا يُصلَّى في المقبرة. قاله المصنف.
* أخرجه البخاري (39، 5673، 6463، 7235) ، والنسائي (7/ 121) ، وأحمد (5/ 69) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
** أخرجه الطبراني في الكبير (1647) ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 264) : ورجال الطبراني رجال الصحيح، غير محمد بن عبدالله بن يزيد المقري وهو ثقة.
*** أخرجه البخاري (432، 1187) ، ومسلم (777) .