كان يلُتُّ السَّويق للحاج.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «لعن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زائرات القبور والمتخذين عليها المساجدَ والسُّرُج» . رواه أهل السنن [1] .
(1) يكن ناسخاً له عند جمهور العلماء، وهو مذهب الشافعي وأحمد في أشهر الروايتين عنه، وهو المعروف عند أصحابه، فكيف إذا لم يعلم أن هذا العام بعد الخاص إذ قد يكون قوله «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوارات القبور» بعد إذنه للرجال في الزيارة يدل على ذلك أنه قرنه بالمتخذين عليها المساجد والسرج، ومعلوم أن اتخاذ المساجد والسرج المنهي عنه محكم كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وكذلك الآخر، ومن العلماء من يقول التشييع كذلك، ويحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم - «ارجعن مأزورات غير مأجورات، فإنكنّ تفتنّ الحيَّ وتؤذين الميت» *، وقوله لفاطمة: «أما إنكِ لو بلغتِ معهم الكدَى لم تدخلي الجنة» **، ويؤيّده ما في الصحيحين أنه نهى النساء عن اتباع الجنائز، وفي هذا الحديث لعن المتخذين على القبور المساجد والسُّرج وهو من فعل أهل الكتاب. قال أبومحمد المقدسي: «لو صحَّ اتخاذ السرج عليها لم يلعن من فعله؛ لأن فيه تضييعاً للمال في غير فائدة، وإفراطاً في تعظيم القبور أشبه بتعظيم الأصنام» . وفيه لعنه - صلى الله عليه وسلم - زوارات القبور ولعنه من أسرجها. قاله المصنف رحمه الله.
قوله: «رواه أهل السنن» يعني أبا داود والترمذي وابن ماجه ولم يروه النسائي. قاله في «الشرح» *. قال ابن القيم رحمه الله [إغاثة اللهفان 1/ 215] : «اتخاذها مساجد وإيقاد السرج عليها من الكبائر» . وقال محمد بن إسماعيل الصنعاني في «تطهير الاعتقاد» [ص/48] : «فإن هذه القباب والمشاهد التي صارت أعظم ذريعة للشرك
* أخرجه الخطيب البغدادي في التاريخ (6/ 201) ، وابن الجوزي في الواهيات (1506) وقال فيه أبوهدبة: «وقد أجمعوا على أنه كذاب» . وقال الألباني: ضعيف. انظر ضعيف الجامع (ص/111) برقم (773) .
** أخرجه أبوداود (3123) ، والنسائي (3/ 27) ، وأحمد (2/ 168، 169) . قال الألباني: ضعيف. انظر: ضعيف سنن أبي داود (ص/317) رقم (684) .
*** (ص/292) . ...
والإلحاد، وأكبر وسيلة إلى هدم الإسلام، وخراب بنيانه غالب بل كل من يعمرها هم الملوك والسلاطين والرؤساء والولاة إما على قريب لهم أو على من يحسنون الظن به من فاضل أو عالم أو صوفي أو فقير أو شيخ كبير، ويزوره الناس الذي يعرفونه زيارة الأموات من دون توسل ولا هتف باسمه، بل يدعون له ويستغفرون حتى ينقرض من يعرفه أو أكثرهم فيأتي من بعدهم فيجد قبراً قد شيّد عليه البناء وسُرجت عليه الشموع وفرش بالفراش الفاخر وأُرخيت عليه الستور وأُلقيت عليه الأوراد والزهور فيعتقد أن ذلك لنفع أو دفع ضر وتأتيه السدنة يكذبون على الميت بأنه فعل وفعل، وأنزل بفلان الضر وبفلان النفع حتى يغرسوا في جبلته كل باطل، والأمر ما ثبت في الأحاديث النبوية من لعن من أسرج على القبور وكتب عليها وبنى عليها، وأحاديث ذلك واسعة معروفة، فإن ذلك في نفسه منهي عنه، ثم هو ذريعة إلى مفسدة عظيمة». انتهى.