وقال ابن جرير الطبري في تفسير هذه السورة:"قل يا محمد لهؤلاء السائلين عن نسب ربك، وصفته، ومَنْ خلقه: (الرب) الذي سألتموني عنه، هو الذي له عبادة كل شيء، لا تنبغي العبادة إلا له، ولا تصلح لشيء سواه" (1) 1).
وقال القرطبي:"نزلت هذه الآية جوابًا لأهل الشرك لما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم صف لنا ربك، أمِن ذهب هو؟ أم من نحاس أم من صُفْر؟ فقال الله ردّا عليهم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) 2)."
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى:"قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد انسب لنا ربك فأنزل الله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (3) 3)} ... والذين ينسبون إلى الله الولد جاؤوا بجريمة نكراء، كادت السماوات لعظمها أن تتفطر، والأرض أن تتشقق، والجبال أن تخرَّ هدّا، إن الله سبحانه واحد أحد لا يليق به أن يتخذ ولدًا، فالكل تحت ملكه وقهره، وجميعهم يأتون الرحمن يوم القيامة خاضعين، لا يتخلف منهم أحد، فقد أحصاهم وعدهم عدًا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) } [مريم: 88 - 95] . وكيف يكون له سبحانه ولد وقد خلق كل شيء: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} "
[الأنعام: 101] .
(1) الطبري 30/ 343.
(2) القرطبي 20/ 246.
(3) ابن كثير، تفسير سورة الإخلاص.