قال ابن جرير - رحمه الله تعالى - في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43] :"إن الله لم يزل عفوًا عن ذنوب عباده، وتركه العقوبة على كثير منها ما لم يشركوا به" (1) .
وقال الخطابي رحمه الله تعالى:" (العفُوُّ) وزنه فعول من العفو، وهو بناء المبالغة، والعفو: الصفح عن الذنوب، وترك مجازاة المسيء، وقيل: إن العفو مأخوذ من عفت الريح الأثر إذا درسته، فكأن العافي عن الذنب يمحوه بصفحه عنه" (2) .
وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى - في نونيته:
وهو العفو فعفوه وسع الورى لولاه غار الأرض بالسكان (3)
قال الهراس - رحمه الله تعالى - في شرحه لهذا البيت:"أي: ولولا كمال عفوه وسعة حلمه لغارت الأرض بأهلها لكثرة ما يرتكب من المعاصي على ظهرها" (4) .
وقال الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى - في شرحه للبيت السابق في نونية ابن القيم:"وأما العَفُوُّ: فهو الذي له العفو الشامل الذي وسع ما يصدر من عباده من الذنوب؛ ولا سيما إذا أتوا بما يوجب العفو عنهم من الاستغفار والتوبة والإيمان والأعمال الصالحة، فهو سبحانه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وهو عفوّ يحبُّ العفو، ويحبُّ من عباده أن يسعوا في تحصيل الأسباب التي ينالون بها عفوه؛ من السعي في مرضاته والإحسان إلى خلقه، ومن كمال عفوه أنه مهما أسرف العبد على نفسه ثم تاب إليه ورجع غفر له جميع جُرْمِه؛ كما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) } [الزمر: 53] " (5) .
من آثار الإيمان بهذا الاسم الكريم:
(1) تفسير الطبري 5/ 74.
(2) شأن الدعاء ص 90 - 91.
(3) النونية 2/ 227.
(4) شرح النونية لمحمد خليل هراس - رحمه الله تعالى - 2/ 81.
(5) انظر الحق الواضح المبين ص 56.