يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"المصدق الذي يصدق الصادقين بما يقيم له من شواهد صدقهم، فهو الذي صدَّق رسله وأنبياءه فيما بلَّغوا عنه؛ وشهد لهم بأنهم صادقون بالدلائل التي دلَّ بها على صدقهم - قضاءً وخلقًا- فإنه سبحانه أخبر وخبره الصدق؛ وقوله الحقُّ: أنه لا بُدَّ أن يُري العبادَ من الآيات الأفقيَّة والنفسيَّة ما يُبيِّن لهم أن الوحي الذي بلَّغته رسله، فقال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53] ، أي: القرآن، فإنه هو المتقدم في قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ} [فصلت: 52] ."
ثم قال: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) } [فصلت: 53] ، فشهد سبحانه لرسوله بقوله أن ما جاء به حقٌّ، ووعده أن يُري العبادَ من آياته الخلقيَّة ما يشهد بذلك أيضًا، ثم ذكر ما هو أعظم من ذلك وأجلُّ؛ شهادته - سبحانه - على كلِّ شيءٍ" (1) 1)."
ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:"المؤمن: الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال، وبكمال الجلال، والجمال الذي أرسل رسله وأنزل كتبه بالآيات والبراهين، وصدق رسله بكل آية وبرهان، ويدل على صدقهم وصحة ما جاءوا به" (2) 2).
ثانيًا: تعلقه بالمعنى الثاني المشتق من (الأمان) : وفيه من المعاني ما يلي:
1 -أنه الذي يُؤَمِّنُ خلقه من ظلمه وقد ذكر هذا المعنى ابن جرير في تفسيره وقال:"قال الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (المؤمن) أي: أمن خلقه من أن يظلمهم" (3) 3).
2 -أنه الذي يهب عباده المؤمنين الأمن في الدنيا بالطمأنينة والأنس الذي يجدونه في قلوبهم بفعل الإيمان به سبحانه وتوحيده.
(1) مدارج السالكين 3/ 466.
(2) تفسير السعدي 5/ 301.
(3) تفسير الطبري 28/ 36.