واستواؤه وعلوه على عرشه سلام من أن يكون محتاجًا إلى ما يحمله أو يستوي عليه، بل العرش محتاج إليه، وحملته محتاجون إليه، فهو الغني عن العرش، وعن حملته، وعن كل ما سواه، فهو استواء وعلو لا يشوبه حصر، ولا حاجة به إلى عرش، ولا غيره، ولا إحاطة شيء به سبحانه وتعالى، بل كان سبحانه، ولا عرش، ولم يكن من حاجة إليه وهو الغني الحميد ... وكماله سبحانه سلام من كل ما يتوهم من معطل أو مشبه، وسلام من أن يصير تحت شيء أو محصورًا في شيء، تعالى الله ربنا عن كل ما يضاد كماله، وغناه، وسمعه وبصره سلام من كل ما يتخيله مشبّه أو يتقوله معطل.
وموالاته - سبحانه - لأوليائه سلام من أن تكون عن ذل كما يوالي المخلوق المخلوق، بل هي موالاة رحمة، وخير، وإحسان، وبر، كما قال: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} [الإسراء: 111] ، فلم ينف أن يكون له ولي مطلقًا، بل نفى أن يكون له ولي من الذل.
وكذلك محبته لمحبيه وأوليائه، سلام من عوارض محبة المخلوق للمخلوق من كونها محبة حاجة إليه، أو تملق أو انتفاع بقربه، وسلام مما يتقوله المعطلون فيها.
وكذلك ما أضافه إلى نفسه من اليد والوجه، فإنه سلام عما يتخيله مشبه أو يتقوله معطل، فتأمل كيف تضمن اسمه (السلام) كل ما نزه عنه تبارك وتعالى. وكم ممن حفظ هذا الاسم لا يدري ما تضمنه من هذه الأسرار والمعانى" (1) 1)."
ويقول أيضًا عن بعض تفاصيل هذا الاسم الكريم:"ومن بعض تفاصيل ذلك: أنه الحي الذي سلمت حياته من الموت والسنة والنوم والتغير. القادر الذي سلمت قدرته من اللغوب والتعب والإعياء والعجز عما يريد. العليم الذي سلم علمه أن يعزب عنه مثقال ذرة أو يغيب عنه معلوم من المعلومات، وكذلك سائر صفاته على هذا."
(1) بدائع الفوائد 2/ 363 - 365 باختصار.