فهرس الكتاب
الصفحة 778 من 1137

أوّل دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعًا في بني سعيد فقتلته هذيل ... » [1] .

ومع أنَّ الإسلام حرَّم سفك الدماء بغير حق كما كانت تفعل الجاهلية، شرع - سبحانه وتعالى - شرائع وحدَّ حدودًا، ومن ذلك ما أشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنِّي رسول الله إلّا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة» [2] .

وجاء في بعض روايات هذا الحديث: «أو يكفر بعد إسلامه» ، وفي أخرى: «ارتدَّ بعد إسلامه» [3] ، وهذا شاهد بأنَّ معنى قوله - عليه الصلاة والسلام: «المفارق لدينه التارك للجماعة» : تركهم بالارتداد عن الدين، فهو عام في كل مرتد عن الإسلام بأيِّ ردة كانت فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام [4] .

وبهذا يتبيَّنُ لنا جلياً أنَّ المسلم الذي شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأتى بفرائض الإسلام، واعتقده ظاهرًا وباطنًا، أنَّهُ قَدْ يكفر بعد إسلامه وَيَرْتد، إذا أتى بناقض من نواقض الإيمان، القولية أو الفعلية، أو الاعتقادية، كالاستهزاء بالدين كما حدث من بعض المسلمين الذين كانوا يجاهدون مع نبي الله - عليه الصلاة والسلام - عندما تلفظوا بكلمة الكفر - وكفروا بعد إيمانهم - وهي قولهم في غزوة تبوك: «ما رأينا

(1) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم (1218) ، «نووي» (8/ 431) .

(2) تقدم تخريجه (ص 384) من هذا البحث.

(3) «فتح الباري» (12/ 210) لابن حجر.

(4) انظر: «الأم» (12/ 587 - 588) للإمام الشافعي، و «فتح الباري» (12/ 210) لابن حجر، و «شرح صحيح مسلم» (11/ 177) للنووي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام