* المطلب الثاني *
المستهزئ المعاهد أو الذمي
قال الإمام ابن القيِّم - رحمه الله تعالى: «الكفار إمَّا أهل حرب، وإمَّا أهل عهد، وأهل العهد ثلاثة أصناف: أهل ذمة، وأهل هدنة، وأهل أمان ... ولفظ «الذمة والعهد» يتناول هؤلاء كلهم في الأصل ... فإن الذمة من جنس لفظ العهد والعقد، وقولهم: «هذا في ذمة فلان» أصله من هذا: أي في عهده وعقده» [1] .
ويَعْضُدُ هذا التقسيم ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان المشركون على منزلتين من النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، كانوا مشركي أهل حربٍ يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه ... » الحديث [2] .
(1) «أحكام أهل الذمة» (2/ 475) لكن قال ابن القيم: «صار في اصطلاح كثير من الفقهاء «أهل الذمة» عبارة عمن يؤدي الجزية، وهؤلاء لهم ذمَّة مؤبدة، وهؤلاء قد عاهدوا المسلمين على أن يجري عليهم حكم الله ورسوله: إذ هم مقيمون في الدار التي يجري فيها حكم الله ورسوله، بخلاف أهل الهدنة، فإنهم صالحوا المسلمين على أن يكونوا في دارهم، سواء كان الصلح على مالٍ أو غير مال: لا تجري عليهم أحكام الإسلام كما تجري على أهل الذمة، لكن عليهم الكف عن محاربة المسلمين. وهؤلاء يسمون أهل العهد وأهل الصلح وأهل الهدنة، وأمَّا المستأمن: فهو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها؛ وهؤلاء أربعة أقسام: رُسُلٌ، وتُجَّار، ومستجيرون ... وطالبوا حاجة من زيارة أو غيرها، وحكم هؤلاء ألا يهاجروا، ولا يقتلوا، ولا تؤخذ منهم الجزية ... ». «أحكام أهل الذمة» (2/ 376 - 475) لابن القيم.
(2) أخرجه البخاري، كتاب الطلاق، باب نكاح من أسلم من المشركين، وعدتهن، برقم (5286) ، «فتح» (9/ 327) .