* المقوم الثاني *
الشريعة الربانية
إن مسألة التشريع من أعظم المسائل التي وقع فيها الجدال والصراع - وذلك بالطبع بعد مسألة الصراع بين الشرك والتوحيد - بين الجاهلية والإسلام.
ففي الجاهلية المشرع هو العقل أو مجموعة عقول ممثلة في المجالس التشريعية كما يسمونها في المجتمعات الجاهلية.
يقول الشيخ محمد قطب: «حَكَّمَتِ الجاهلية المعاصرة عقلها في قضية التشريع .. بحجة أن الإنسان قد شب عن الطوق ولم يعد في حاجة إلى وصاية الله. وبحجة أن الأمور قد تطورت، بينما التشريع السماوي جامد لا يتحرك ولا يواكب التطور [1] ...
فالواقع أن العلمانية بمعنى: فصل الدين عن الدولة، والتشريع بغير ما أنزل الله أمر عميق الجذور في التربية الأوروبية، .. أما العلمانية التي أبرزتها الجاهلية المعاصرة وأكدتها فهي إقصاء كل أثر للتعاليم الدينية في التشريع، وإقامة التشريع على مبعدة من الدين - إن لم يكن على عداء صريح مع الدين - ويبدو ذلك واضحًا في تحليل الربا، وإباحة الفاحشة، وعدم اعتبارها جريمة ما دامت برضى الطرفين [2] ... إلى غير ذلك من ألوان التحدي الصارخ لأوامر الله» [3] .
(1) وكذبوا في ذلك، بل شريعة الله ثابتة وشاملة، وصالحة لكل زمان ومكان. انظر: كتاب «الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية» رسالة دكتوراه للشيخ عابد السفياني.
(2) انظر نصوصًا عن القوانين في بعض البلدان الإسلامية! في هذا المعنى في كتاب: «حكم الزنا في القانون وعلاقته بمبادئ حقوق الإنسان فقي الغرب» ، للشيخ عابد السفياني.
(3) «رؤية إسلامية لأحوال العالم المعاصر» (ص 37 - 38) .