* المطلب الثاني *
محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -
إن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصل من أصول الإيمان، فبها يقوم سوق الإيمان، وبفقدانها ينعدم الإيمان، ولذا أوجب الله - سبحانه وتعالى - محبة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقال تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24] ، فلو لم تكن محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة لما توعد من قدَّمَ محبة الأمور الثمانية المذكورة في الآية عليها، يقول القاضي عياض رحمه الله: «فكفى بهذا حضًا وتنبيهًا ودلالة وحجة على إلزام محبته، ووجوب فرضها وعظم خطرها، واستحقاقه لها - صلى الله عليه وسلم -، إذ قَرَّعَ تعالى مَنْ مَالُهُ وأهله وولده أحب إليه، من الله ورسوله، وأوعدهم بقوله تعالى: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ} . ثم فسَّقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله [1] .
وجاء في السنة ما يؤكد وجوب محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ففي الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده» [2] .
وفي الصحيحين عن أنس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» [3] .
(1) «الشفا» (2/ 563) .
(2) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان برقم (14) ، «فتح» (1/ 74 - 75) .
(3) أخرجه البخاري، المصدر نفسه الكتاب والباب، برقم (15) ، «فتح» (1/ 75) ، وأخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، برقم (69) ، «نووي» (2/ 374 - 375) .