فهرس الكتاب
الصفحة 270 من 1137

المبحث الثاني

صور من الاستهزاء بالدين

تقدم معنا الحديث عن تعظيم الدين وشعائره في «التمهيد» ، وعرفنا هناك أن الله - تبارك وتعالى - أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وشرع الشرائع، وعظَّم ذلك كُلَّه، ليس فقط ما شرع لهذه الأمة بل كل شريعة كانت في الأمم الأخرى من آدم حتى عيسى - عليهما الصلاة والسلام -، فمن أخلَّ بهذا الأصل العظيم واستخف بدين الله، وطعن فيه، فقد أعظم على الله تعالى الفرية، وارتكب من القول منكرًا وزورًا، وناقض الإيمان، بما يأتي على بنيانه من القواعد، فينقل صاحبه من عداد أهل الإيمان ويسلكه في زمرة الأشقياء المعاندين والمستكبرين، ويصدق فيه قوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] .

وقال ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية: «أي: ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - فصار في شق والشرع في شق، وذلك عن عمد منه بعدما ظهر له الحق وتبيَّن له واتضح له، وقوله: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} ، هذا ملازم للصفة الأولى [1] ، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع، وقد تكون لما أجمعت عليه الأمة المحمدية فيما علم اتفاقهم عليه

(1) انظر: «محاسن التأويل» (2/ 485) ففيها تفصيل بديع في العلاقة بين مشاقة الرسول؛ وإتباع غير سبيل المؤمنين، وهل الوعيد فيهما واحد؛ أم خاص بمشاقة الرسول دون غيره، حيث خلص من البحث بنتيجة وهي أن الوعيد فيها إنما هو على مجموع الأمرين.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام