فهرس الكتاب
الصفحة 269 من 1137

ولذا كان بعض أئمة الإسلام إذا رأى صليبًا أغمض عينيه عنه، وقال: لا أستطيع أن أملأ عيني مِمَّنْ سبَّ إلهه ومعبوده بأقبح السب، وكان بعض عقلاء الملوك يقول: إنَّ جهاد هؤلاء واجب شرعًا وعقلًا، فإنهم عارٌ على بني آدم، مفسدون للعقول والشرائع [1] .

ومن استهزائهم - أيضاً - بالله - عز وجل: أنه إذا حَلَفَ أحدهم على أمر هو فيه صادق، غير حانث ولا كاذب، أقسم بالصليب، ويكذب إذا حلف بالله تعالى ولا يتحرَّج من ذلك؛ لأن الصليب في قلبه أعظم من فاطر السموات والأرض، تعالى الله عن قولهم وإفكهم وزورهم علوًا كبيرًا [2] .

ومن صور استهزائهم بالله سبحانه: ما أشار إليه الإمام أبو محمد بن حزم عن أحد النصارى أنه رأى الله - عز وجل - شيخًا أبيض الرأس واللحية، والمسيح يقرأ بين يديه في كتاب من ذهب والملائكة يقولون: هذا خروف الرب [3] ، والأسواق قائمة بين يديه القمح كذا وكذا قفيزًا بدينار، الشعير كذا وكذا قفيزًا بدينار، الخمر كذا وكذا قسطًا بدينار، والزيت كذا وكذا قسطًا بدينار، فهل هذا إلا هزل وعيارة، وتماجن وتطايب [4] ، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا.

ولولا الضرورة الملحة لَمَا أوردت هذه الصورة المقيتة في حق الله تبارك وتعالى، وفي المبحث التالي أعرض لصور من الاستهزاء بالدين والله المستعان.

(1) «إغاثة اللهفان» (2/ 284) لابن القيم.

(2) انظر: المصدر نفسه (2/ 285 - 286) ، وهذا حال عباد القبور أيضاً وسيأتي.

(3) سيأتي قولهم هذا عند الحديث عن صور الاستهزاء بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -.

(4) «الفصل في الملل والأهواء والنحل» (2/ 201) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام