ولو أخذت أتتبع الروايات عن الإمام أحمد وغيره في هذا الباب لخرجت عن المقصود، وفيما تقدم في الفصل الأول من هذا الباب «حكم الاستهزاء» كفاية إذْ بَيَّنْتُ الأدلة من الكتاب والسنة، وإجماع السلف، ونصوص العلماء من أئمة المذاهب الأربعة، وأتباعهم ما يَدُلُّ دلالة واضحة على كُفْرِ وَرِدَّة المستهزئ بالله - تبارك وتعالى -، ورسله - عليهم الصلاة والسلام - ودين الإسلام.
* المطلب الثالث *
شروط تكفير المسلم المعيَّن
وإذا أردنا تنزيل هذا الحكم الواضح البيِّن على الأشخاص المعينين، فلا بُدَّ من التخلص من الهوى والعاطفة وطريق أهل الأهواء والبدع [1] ، والاحتكام إلى منهج السلف الصالح - رضوان الله عليهم - ومن تبعهم من أهل السنة والجماعة، فهم أرحم الخلق بالخلق [2] ، وأتقاهم لله - تبارك وتعالى -.
يقول العلامة محمد بن صالح بن عثيمين: «يجب على الإنسان أن يتقي الله ربَّهُ في جميع الأحكام فلا يتسرع في البت بها خصوصًا في
(1) وأعني بهم هنا الخوارج والمعتزلة من جهة، والمرجئة من جهة أخرى، فأهل السنّة والجماعة وسط بين هؤلاء وأولئك. انظر: «مجموع الفتاوى» (7/ 486) ، و «فتاوى ورسائل سماحة العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ» (1/ 75) ، و «ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة» (ص 203 - 224) للشيخ عبد الله القرني، و «وسطية أهل السنة والجماعة بين الفرق» د. محمد باكريم، و «درء الفتنة عن أهل السنّة» للشيخ بكر أبو زيد.
(2) انظر بيان هذا الجانب في: «الرد على البكري» (ص 257 - 258) لابن تيمية.