فهرس الكتاب
الصفحة 183 من 1137

والإفادة من توجيهات القرآن والسنة المطهرة، في شأن الموقف الذي يجب اتخاذه من اليهود والنصارى، بِنَاءً على ما يتصفون به من الخلائق التي تبدَّت ملامحها معرّاةً دونما لبس أو احتمال» [1] .

* المطلب الثاني *

الانحراف العقدي في حياة الأمة

إنَّ الأمة الإسلامية كانت في أول أمرها، وخاصةً في القرون الأولى المفضلة تعيش سلامةً في المنهج، وصفاءً في التصور والاعتقاد، وسموّاً في الأخلاق، ثم بعد ذلك ظهر في تاريخ الأمة الفساد في السلوك، «وجرَّ على الأمة الوبال إذ أدَّى إلى اجتياح جحافل التتار دولة الخلاقة، وتدفق الصليبيين من الغرب يريدون إطفاء نور الإسلام. ولكن التصورات كانت ما تزال أقرب إلى الصحة، لأنَّ الانحرافات المتعلقة بالتصور كانت محصورة في نطاق محدود. فالفرق الزائغة قد زاغت، ولكن حجمها بالنسبة لمجموع الأمة ضئيل، والفكر الإرجائي قد وُجِد ولكن كان ما يزال أفكارًا في الأبراج العاجية أكثر منه واقعًا ملموسًا في حياة الأمة، لأن دفعة العمل كانت ما تزال قوية دفَّاقة في كُلِّ اتجاه، بحيث لا تعطلها تلك الأفكار عن الانطلاق. بل كل أصحاب الفكر الإرجائي هُمْ أنفسهم - كما سبق القول - من العابدين العاملين الفقهاء، ولم يكونوا يتأثرون بفكرهم الخاص فيتركوا العمل أو ينادون بتركه! وكانت الصوفية موجودة، ولكنها ليست السمة الغالبة على المجتمع، بل هي قائمة في

(1) «اليهود في القرآن والسنة» (2/ 78) . وانظر: «في ظلال القرآن» (2/ 922 - 923) لسيد قطب.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام