فهرس الكتاب
الصفحة 647 من 1137

في قلب من عاش دهره كُلّه لم يسجد لله سجدة ولا صام له يومًا ولا أدَّى من زكاة ماله درهمًا ولا عقد النية على حج بيته، بل ربما كان معلنًا بسب الله ورسوله مهينًا للمصحف عمدًا، حتى ولو قتلناه على شيء من ذلك قالوا: إن كان مقرّاً في نفسه فإنه يموت مسلمًا عاصيًا، وإذا امتنع عن التوبة يقتل حدّاً لا كفراً ...

فمرجئة عصرنا أكثر غُلُواً من جهة أنهم لم يحكموا له بشيء من أحكام الكفر لا ظاهرًا ولا باطنًا. وأولئك (يعني: المرجئة القدامى) لم يخالفوا في إجراء الأحكام الظاهرة عليه لكن جوَّزوا إيمانه باطنًا، فقالوا: لو قتلناه لأنه سب الله ورسوله فهذا السب دليل على كفره وهو يوجب علينا تكفيره وقتله في أحكام الدنيا، لكن إن كان في قلبه مقرّاً بصدق الرسول فهو مؤمن ناج عند الله، أمَّا هؤلاء (يعني المرجئة المعاصرين) فيحكمون بإيمان من ذكرنا مثاله ظاهرًا وباطنًا ولا يرونه مستوجبًا لحد فضلًا عن تكفير» [1] .

* المطلب الخامس *

في الألفاظ المتعلقة بالاستهزاء بالدين قديمًا وحديثًا

اعتنى الإسلام عناية كبيرة بالألفاظ، فبالكلام واللسان يعرف الخطاب، وبه يتعايش الناس، ويفهم بعضهم عن بعض، ولذلك أمر الله - سبحانه وتعالى - بالصدق والعدل في الكلام، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] ، وقال أيضاً: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: 152] .

(1) «الانحرافات العقدية والعلمية ... » (ص 136 - 137) علي بخيت.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام