المبحث الثاني
هدم قداسة الدين وهيبته وعظمته في النفوس
إنَّ هذا الدين الذي اختاره الله سبحانه ليكون آخر الرسالات السماوية وأرسل به خاتم الأنبياء - عليهم جميعًا الصلاة والسلام - وجعل هذه الشريعة الربانية خير الشرائع لأنها تملك من الخصائص ما لا يوجد في شريعة سماوية قبلها، فهي صالحة لِكُلِّ زمان ومكان، وهي ثابتة وشاملة، وفيها من التوازن والعدل والتوسط ما لا يوجد في سواها، وهي قائمة على حفظ مصالح العباد في الدنيا والآخرة.
وعندما ننظر في ذلك الجيل الفريد تتملكنا الدهشة، ونتساءل: كيف وصل إلى ما وصل إليه من المثالية في تطبيق هذا الدين وامتثال أوامره ونواهيه؟ أقول: كان لهذا أسبابًا أجملها فيما يلي:
أولاً: أنَّ ذلك الجيل صدق في إيمانه، وجدَّ في أخذه بالكتاب والسنة، وصدق الجهاد في سبيل الله.
ثانياً: أنَّهُ حقق معنى الأمة الواحدة التي إذا اشتكى منها عضو تداعى له سائر الأعضاء.
ثالثاً: أنَّه حقق العدل الربّاني في الأرض سواءٌ بين أفراد ذلك المجتمع المسلم، أو مع الأعداء.
رابعاً: أن ذلك الجيل امتثل أخلاقيات لا إله إلا الله [1] .
(1) انظر: «واقعنا المعاصر» (32 - 33) للشيخ محمد قطب.