فهرس الكتاب
الصفحة 987 من 1137

فلمَّا توفر هذا كُلُّهُ في ذلك الرعيل الأول، أثمر ثمارًا كثيرة من أعظمها أن هذا الدين كان عزيزًا منيعًا لأن المسلمين كانوا على ذلك المستوى الرفيع في إقامة هذا الدين في نفوسهم ومجتمعاتهم.

ولكن عندما ضعف أهل الإسلام، وفرطوا في دينهم الحق اتخذه أعداء الإسلام سخرية واستهزاءً، وهذا لا يعني أنه لا يوجد في ذلك الجيل من استهزأ بالدين من المشركين وأهل الكتاب والمنافقين، ولكن لم يكن بهذه الصورة التي نشاهدها في الوقت الحاضر، وسرعان ما يهب المسلمون وحكَّامُهُم نصرةً لدينهم، فيقام حكم الله على المستهزئين الساخرين.

واليوم ضعفت قداسة الدين وهيبته وما يجب له من التعظيم والتوقير وما يجب لله سبحانه من الإجلال والتعظيم، وما يجب لرسوله - صلى الله عليه وسلم - من التعزير والتوقير، وذلك بسبب جهود أعداء الدين - من مشركين وأهل كتاب ومنافقين - وقد تكالب هؤلاء جميعًا على دين الله تعالى وطعنوا فيه، ولاكوه بألسنتهم، وعرَّضُوه للسخرية والاستهزاء.

ونجد هذا هو الموقف هدف المستشرقين عامة، يقول المستشرق: «جب» في كتاب «وجهة الإسلام» : كانت النتيجة الخالصة لهذه الحركة التعليمية أنها حررت - بقدر ما كان لها من تأثير - نزعة الشعوب الإسلامية من سلطان الدين دُون أن تُحِسَّ الشعوب بذلك غالبًا، وهذا وحده تقريبًا هو جوهر كل نزعة غربية فعَّالة في العالم الإسلامي» [1] .

وفي موضع آخر يزيد هذا الهدف وضوحًا فيقول: «إبعاد سلطان الدين عن النفوس «ولأجل تحقيق هذا» تحاول الدراسات الاستشراقية

(1) (ص 217) نقلًا عن «المستشرقون» (ص 1) د. عابد السفياني.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام