«الدعوة إلى الله هي الدعوة إلى الإيمان به، وبما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا، وذلك يتضمن الدعوة إلى الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والدعوة إلى الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشرِّه، والدعوة إلى أن يعبد العبد ربه كأنّه يراه» [1] .
وقد عُنِيَ القرآن الكريم عناية كبيرة بأمر الدعوة إلى الله تعالى وتعليم الناس ما يجب عليهم من فروض الأعيان كالتوحيد، وأمور الصلاة والصوم، والزكاة لمن تجب عليه وكذلك الحج، وأوجب على طلبة العلم والعلماء ما لا يجب على العامة، فإذا قامت الأمة بهذا الواجب تعلُّماً وتَعْلِيماً، وعرفت الأمة - رجالًا ونساءً - ما يجب فعله، وما يجب تركه، يسعد المجتمع المسلم، ويترابط حتى يصبح كالجسد الواحد، ويظهر الخير والصلاح، ويقل الشر والفساد كما حصل للمجتمع المسلم الأول الذي قام في المدينة النبوية، وكان يرعاه ويقوم على مصالحه نبي الرحمة محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - وقام به خُلَفَاؤه من بعده، وبقية الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم - وتعاقبت على ذلك الأجيال من حملة راية العلم والسنة عبر تاريخ هذه الأمة الطويل حتى يوم الناس هذا، مصداقًا لحديث الطائفة المنصورة الذي رواه تسعة عشرة صحابيًا، فمن تلك الروايات قوله - عليه الصلاة والسلام: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتّى يأتي
(1) «مجموع الفتاوى» (15/ 157 - 158) لشيخ الإسلام ابن تيمية.