فهرس الكتاب
الصفحة 1009 من 1137

أمر الله وهم كذلك» [1] .

والحكمة في بقاء هذه الطائفة التي تملك من الخصائص ما لا يوجد في غيرها من الطوائف، هي أن الله سبحانه لا يمكن أن يُعْبد كما أمَرْ إلّا عن طريق العلم الموروث عن النبوة، وهذا لا يوجد إلّا في تلك الطائفة لِمَا ورد في رواية معاوية لحديث الطائفة المنصورة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال من أُمَّتِي أُمَّةٌ قائمة بأمر الله، ما يضرهم من كذَّبهم ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك» [2] .

فالمتأمل لحديث الطائفة المنصورة يجد في كثير من رواياته وصف الطائفة بأنها تقاتل في سبيل الله، وفي أخرى قائمة بأمر الله، وهذا له دلالة واضحة، وهي أنه قد يَمُرُّ على الأمة فتراتٌ يُعَطَّلُ فيها الجهاد في سبيل الله، فتتجه هذه الطائفة إلى نوع آخر من الدعوة إلى الله، وإلى رسوله عن طريق نشر السنة، ومحاربة البدعة، ومهمَّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. مع عدم إغفالها لِمُهِمَّة الجهاد وفضله، بل هي إذا قامت بواجب الدعوة في جميع المجالات لا شك أن ثمرة هذه الدعوة، عودة الأمة إلى دينها، ومنه الجهاد في سبيل الله - عز وجل -.

وهنا حقيقة يجب أن يعيها الدعاة إلى الله تعالى في كُلِّ مكان، وهي: «أنَّ الداعية، داعية إلى الله (وداعيًا إلى الله) ، لا إلى دنيا، ولا إلى مجد، ولا إلى عِزَّة قومه، ولا إلى عصبية جاهلية، ولا إلى مغنم، ولا إلى سلطان أو جاه، ولكن داعيًا إلى الله في طريق واحد يصل إلى الله بإذنه:

(1) أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب قوله - صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق» ، برقم (1920) ، «نووي» (13/ 70) .

(2) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ ... } ، برقم (7460) ، «فتح» (13/ 451) ، ومسلم، كتاب الإمارة، باب قوله - صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين ... » ، برقم (1037) ، «نووي» (13/ 71) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام