فهرس الكتاب
الصفحة 924 من 1137

ونتيجة لهذه الجرأة من الجاهلية المعاصرة، فقد نتج عنها أمرين اثنين: أحدهما: التمرد على حق الله - سبحانه وتعالى - في التشريع، وانتزاع خاصية تفرده بالأمر - كما أن تفرد بالخلق - قال تعالى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف: 54] .

قال العلامة السعدي: «أي له الخلق الذي صدرت عنه جميع المخلوقات علويها وسفليها، أعيانها وأوصافها وأفعالها. والأمر المتضمن للشرائع والنبوات، فالخلق يتضمن أحكامه الكونية القدرية، والأمر يتضمن أحكامه الدينية الشرعية» [1] .

الثانية: «هو التمرد على حكم الله الحكيم الخبير، الذي خلق الإنسان ويعلم دخائله ويعلم ما يصلحه وما يصلح له، ويحيط بالزمن كله ماضيه وحاضره ومستقبله، ويعلم ما يمكن أن يؤدي إليه كل تشريع من التشريعات، لا في الحاضر وحده، ولكن في الزمن المقبل كله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، بينما علم الإنسان قاصر، .. » [2] .

ولكن في ظل التشريع الرباني الذي جعل الله لكل أمة منه سبيلًا فقال: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] ، جاء في تفسيرها عن ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة رحمه الله: «شرعة ومنهاجًا قالا: سبيلًا وسنة [3] . ثم قال ابن جرير رحمه الله: «فمعنى الكلام: لكل قوم منكم جعلنا طريقًا إلى الحق يؤمه، وسبيلًا واضحًا يعمل به» [4] .

(1) «تيسير الكريم الرحمن» (3/ 16 - 20) . وانظر: «مجموع الفتاوى» (11/ 251 - 271) لابن تيمية.

(2) «رؤية إسلامية لأحوال العالم المعاصر» (ص 38) محمد قطب.

(3) انظر: «جامع البيان» (10/ 383 - 389 - شاكر) لابن جرير.

(4) انظر: المصدر نفسه (10/ 384 - شاكر) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام