فهرس الكتاب
الصفحة 761 من 1137

«وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي أن يقال: إن الله أخبر أنه يعذب هؤلاء الذين مردوا على النفاق مرتين ولم يضع لنا دليلًا يتوصل به إلى علم صفة ذينك العذابين، وجائز أن يكون بعض ما ذكرنا عن القائلين ما أنبئنا عنهم، وليس عندنا علم بأي ذلك من أي، غير أن قوله جل ثناؤه: {ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} : دلالة على أن العذاب في المرتين كلتيهما قبل دخول النار، والأغلب من إحدى المرتين أنها في القبر ... ثم يرد هؤلاء المنافقون، بعد تعذيب الله إياهم مرتين، إلى عذاب عظيم، وذلك عذاب جهنم» [1] .

الدليل الثالث:

قوله تعالى: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 60 - 62] .

يقول الله - تعالى ذكره - عن هؤلاء المنافقين أنهم: «مطرودين منفيين أينما ثقفوا، يقول: حيثما لُقُوا من الأرض أُخذوا وقُتِّلوا بكفرهم بالله تقتيلًا» [2] .

وفي الآية معنى الأمر: «أي الحكم فيهم هذا - يعني القتل - على جهة الأمر به» [3] .

قال القرطبي رحمه الله: «قوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ} نصب على المصدر؛ أي: سن الله جل وعز فيمن أرجف بالأنبياء، وأظهر نفاقه أن يؤخذ

(1) «جامع البيان» (6/ 458 - 459) .

(2) «جامع البيان» (10/ 334) للطبري. وانظر: «الصارم المسلول» (ص 356) لابن تيمية.

(3) انظر: «معالم التنزيل» (3/ 544) للبغوي، و «زاد المسير» (6/ 423) لابن الجوزي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام