وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الأنفال: 39] [1] .
قال ابن القيم: «ومقتضى هذا ألّا يقرَّ كافر على كفره، ولكن جاء النص بإقرار أهل الكتاب إذا أعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فاقتصرنا بها عليهم، وأخذنا في عموم الكفار بالنصوص الدالة على قتالهم إلى أن يكون الدين كله لله» [2] .
قال الإمام الشوكاني: «ولا خلاف في ذلك لأوامر الله - عز وجل - بقتل المشركين في مواضع من كتابه العزيز، ولما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - ثبوتًا متواترًا من قتالهم، وأنه كان يدعوهم إلى ثلاث، ويأمر بذلك من بعثه للقتال» [3] . فعن بريدة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقَرَّ أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا ثم قال: «اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال «أو خلال» ، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكُفَّ عنهم ثمَّ ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إنْ فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي
(1) انظر طرفًا من هذه الأدلة في: «الأمّ» (12/ 587 - 588) للإمام الشافعي، و «الروضة الندية» (2/ 621) لمحمد صديق حسن خان.
(2) «أحكام أهل الذمة» (1/ 9 - 10، 2/ 811 - 812) ، فلا يفهم من قوله رحمه الله: «فاقتصرنا بها عليهم» أهل الكتاب وحدهم، بل أدخل المجوس في أهل الجزية بالسنّة والإجماع. انظر: المصدر نفسه (1/ 1 - 6) .
(3) «الدرّة البهية» مع «الروضة الندية» (2/ 621) .