فهرس الكتاب
الصفحة 650 من 1137

بن جبل - رضي الله عنه: «وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم» [1] .

قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه: والله الذي لا إله غيره ما على وجه الأرض شيء أحوج إلى طول سجنٍ من لسانٍ» [2] .

فالمتأمل لكتاب الله تعالى يجد أنَّ فيه عنايةً كبيرة بهذا الجانب لأجل حفظ المسلم من الوقوع في السخرية والاستهزاء بكُلِّ أشكاله وصوره، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا} [البقرة: 104] .

فأرشدت الآية الكريمة إلى ترك استعمال كلمة «راعنا» لأن اليهود - عليهم لعنة الله - كانوا يقولونها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ويقصدون بها الرعونة، قال تعالى موضحًا خبث هؤلاء اليهود: {مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ... } إلخ الآية [النساء: 46] .

فمن الألفاظ الدالة على السخرية والاستهزاء بالله - تبارك وتعالى - ما جاء في (فوز النجاة) قوله: من قال لآخر: طبخ القدر «بِقُلْ هو الله أحدٌ» ، كفر لأنه أراد السخرية لا التبرك به وتحسين الطوية» [3] .

(1) أخرجه أحمد في «المسند» (5/ 274) ، برقم (22077) ، والترمذي في الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616) (5/ 13) وقال عنه: حسن صحيح، والنسائي في «التفسير» ، عند قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} ، برقم (11394) (6/ 428) ، وابن ماجه في الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، برقم (4021) (2/ 373) .

(2) أخرجه ابن المبارك في الزهد (129) ، برقم (384) ، وابن أبي الدنيا في الصمت، باب حفظ اللسان وفضل الصمت، برقم (16) ، وقال الهيثمي في «المجمع» (10/ 303) : «رواه الطبراني بأسانيد ورجالها ثقات» . وانظر: طرفًا من أقوال السلف في اللسان «مقدمة صحيح مسلم» ، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع، «نووي» (1/ 188 - 191) ، و «سورة الحجرات دراسة تحليلية وموضوعية» (ص 150، 151) د. ناصر بن سليمان العمر.

(3) «شرح بدر الرشيد في ألفاظ الكفر» (ص 20) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام