وقال القاضي عياض: اعلم - وفقنا الله وإياك - أن جميع من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عابه أو ألحق به نقصًا في نفسه أو نسبه أو دينه، أو خصلة من خصاله، أو عرَّض به أو شبَّهه بشيء على طريق السب له، أو الإزراء عليه، أو التصغير لشأنه، أو الغض منه، والعيب له فهو ساب له، والحكم فيه حكم الساب ... وكذلك من لعنه أو دعا عليه، أو تمنى مضرة له، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر وفكر من القول وزور، أو عيَّره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهود لديه. وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة - رضوان الله عليهم - إلى هَلُمَّ جرا» [1] .
وقال رحمه الله أيضاً: «أجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين وسابّه، وكذلك حكي عن غير واحد الإجماع على قتله وتكفيره» [2] ، وقال أبو سليمان الخطابي [3] : « .... ولا أعلم أحدًا من المسلمين اختلف في وجوب قتله» [4] .
وقال محمد بن سحنون [5] : «أجمع العلماء أن شاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - المتنقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك
(1) «الشفا» (2/ 932 - 933) ، و «الصارم المسلول» (ص 526) .
(2) «الصارم المسلول» (ص 9) .
(3) الإمام العلامة، الحافظ اللغوي، حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطَّاب البستي الخطابي، توفي سنة (388 هـ) ، بمدينة بُست. انظر: «السير» (17/ 23) ، و «العبر» (2/ 174) ، و «النجوم الزاهرة» (4/ 201) ، و «شذرات الذهب» (3/ 127 - 128) .
(4) «معالم السنن» المطبوع بهامش «سنن أبي داود» (4/ 528) .
(5) الإمام أبو عبد الله محمد بن سحنون المغربي المالكي، مفتي القيروان، توفي سنة (265 هـ) . انظر: «العبر» (1/ 381) ، و «البداية والنهاية» (11/ 33) ، و «شذرات الذهب» (2/ 150) ، و «معجم المؤلفين» (3/ 312) لعمر كحالة.