ومما ينبغي التحذير منه تعطيل أوصاف الله بحجة أن إثباتها تشبيه للخالق بالمخلوق، فقد يتوهم كثير من الناس في بعض الصفات أو أكثرها أو كلها أنها تماثل صفات المخلوقين، ثم يريد أن ينفي ذلك الذي فهمه فيقع عدة محاذير مركبة، أولها أنه مثل ما فهمه من النصوص من صفات الله بصفات المخلوقين وظن أن مدلولها هو التمثيل، وثانيها أنه إذ جعل ذلك هو مفهومها وعطله بقيت النصوص معطلة عما دلت عليه، فيبقى مع جنايته على النصوص وظنه السيئ الذي ظنه بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - حيث ظن أن ما يفهم من كلامهما هو التمثيل الباطل، يبقى وقد عطل ما أودع الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في كلامهما من إثبات الصفات والمعاني الإلهية اللائقة بجلاله، ولا يكتفي بذلك بل ينفي تلك الصفات عن الله - عز وجل - بغير علم فيكون معطلا لما يستحقه الرب، كما أنه يصف ربه بنقيض تلك الصفات من صفات الأموات والجمادات أو صفات المعدومات، أو يلوى عنق النصوص بتأويل باطل مجرد عن الدليل فيكون قد عطل ومثل ووقع في تحريفات مغلفة بأنواع من التأويلات، فيجمع بين التحريف والتعطيل والتكييف والتمثيل، فيكون ملحدا في أسماء الله وصفاته وآياته (1) .
ومن الشرك والإلحاد في الأسماء الحسني أيضا أن يسمى الله بما لم يسم به نفسه كتسمية النصارى له أبا وتسمية الفلاسفة له موجبا بذاته أو علة فاعلة بالطبع ونحو ذلك، وكذلك وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس كقول اليهود إنه فقير، وقولهم إنه استراح بعد أن خلق خلقه وقولهم يد الله مغلولة، وأمثال ذلك مما هو إلحاد في أسمائه وصفاته (2) .
(1) بدائع الفوائد 1/ 180 بتصرف.
(2) السابق 1/ 179 بتصرف.